للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالأولى والأليق فتح الباب للناس في الدخول في عسكر الطريور فإنه يوجد العدد الكثير ويحصل المقصود بالغرض وطيب النفس. نعم قد جرت العادة أنه إذا احتاج جانب المخزن للإستعداد للحرب في نازلة يطلب من سكان الأعراش الإعانة في ذلك ويعين على كل فريق عددا معلوما فينقادون لذلك بلا كلفة فغالب الظن إذا طلب جانب المخزن من كل عرش عدداً معلوما يحملون السلاح ويتعلمون الحرب والسفر أمدا معلوما فإنهم لا يبخلون بذلك وأيضا فينبغي التأمل في أنه إذا صار أهل البادية كلهم حاملين السلاح ربما تقع منهم بعض الفتن، ولو مع بعضهم بعضاً، ألا ترى أن من جملة عوائدهم الفاسدة إذا تشاجر أحد من عرش مع واحد من عرش آخر قامت الفتنة بين الفريقين وتضاربوا بما يجدونه بأيديهم وربما تقع بينهم الموت فانظر إذا صارت أيديهم عامرة بالسلاح مع هاته الطبيعة. المسألة (١) الرابعة: في ذكر ما نزل بالعرب من الفقر وسوء الحال بسبب انتزاع الأرض منهم وعدم قدرتهم على مفارقتها، والرضى بالبقاء فيها بالكراء الغالي الذي يوقعهم في ضعف الحال وذهاب المال وذلك أن كثير الكونون لا يأخذون الأرض ولا يقدرون على خدمتها والقيام بها وتحصيل الفائدة منها يؤول أمرهم إلى إكرائها إلى العرب بالسعر الذي لا يقدر المكتري على تحصيله وتحصيل معاشه والمغرم اللازم له فيتلاشون ويعجزون عن الحرث ولا يجد رب الأرض لمن يكريها فيبيعها إن أمكنه أو يتركها وينتقل وبهذا السبب لم تتم عمارة "الفلاجات" كما ينبغي، ويوجد كثير أراضيها خاليا والعذر محقق للكولون في العجز عن تعمير الأرض لأن أرضنا وإن كان ترابها جيدا فإنها معدومة الماء إلا في مواضع قليلة وإن الحمى لا تفارق النواحي الكثيرة منها وتضر الذوات التي نبتت الأرض الجيدة الصحيحة


(١) ش: تأمل في هذه المسألة والتي بعدها الحيل الشيطانية التي يرتكبها الاستعمار لنزع الأراضي من أهلها (ابن باديس).

<<  <  ج: ص:  >  >>