على أئمة هذا الشأن وكان فصيحها حافظاً أديباً شاعراً كثير الملح مليح المجلس" ثم قال ابن الزير: "قال القاضي عياض بعد أن وصفه بما ذكرته: ولكثرة حديثه وأخباره وغريب حكاياته ورواياته أكثر الناس الكلام وطعنوا في حديثه".
من يعني القاضي عياض بالناس الذين أكثروا الكلام وطعنوا في حديث ابن العربي؟ قطعاً لا يعني بهم العلماء لأننا سمعنا فيما تقدم ما وصفوه به ومنهم القاضي عياض نفسه. وإنما عني بهم العامة وأشباه العامة ممن تضيق أذهانهم عن تصور ما لم تره أبصارهم من مثل ما شاهده ابن العربي في مدن الشرق ومدنيته الزاهرة في ذاك العهد، وتقصر مداركهم عما تحيط به عقول العلماء المتوسعين في العلم الراسخين فيه مثل ابن العربي "خزانة العلم وقطب المغرب".
وهاك واقعة دالة على سعة علم ابن العربي وتحامل أهل القصور عليه حتى جاء إمام عظيم فبين صدقه وقصور أولئك المتحاملين:
قال الزرقاني في شرحه على المواهب في غزوة الفتح: وروى ابن مسدي أن أبا بكر بن العربي قال لابن جعفر بن المرخي حين ذكر أن مالكا تفرد به "حديث أنس في دخول النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- مكة وعلى رأسه المغفر" قد رويته من ثلاثة عشر طريقا غير طريق مالك فقالوا له أفدنا الفوائد فوعدهم ولم يخرج لهم شيئا. وقال الحافظ في نكته: "إستبعد أهل إشبيلية قول ابن العربي حتى قال قائلهم:
يا أهل حمص ومن بها أوصيكم ... بالبر والتقوى وصية مشفق
فخذوا عن العربي أسمار الدجى ... وخذوا الرواية عن إمام متقي
إن الفتى ذرب اللسان مهذب ... إن لم يجد خبراً صحيحاً يخلق
وأراد بأهل حمص أهل إشبيلية" قال الحافط: "وقد تتبعت طرقه