للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قدمت الخنساء بنت عمرو بن الشريد على رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- مع قومها من بني سُلَيْم فأسلمت معهم، فذكروا أن رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- كان يستنشدها فَيُعْجِبُه شعرها وكانت تُنْشِده وهو يقول: هيه يا خُنَاس، ويومىء بيده. وهاك قصتها مع بنيها ملخصة باختصار من كتاب الاستيعاب لابن عبد البر (١):

"حضرت حرب القادسية ومعها بنوها، أربعة رجال، فجمعتهم ليلة الوقعة وقالت لهم: يا بني، أسلمتم طائعين، وهاجرتم مختارين، وإنكم لبنو رجل واحد، كما أنكم بنو امرأة واحدة، ما خُنْت أباكم، ولا فضحت خالكم، ولا هجَّنْت حسبكم، ولا غيرت نسبكم، وذكرتهم بآيات الوعد بجزيل الثواب، للصابرين في مواطن الضراب. وقالت لهم: فإن أصبحتم غدا- إن شاء الله- سالمين، فاغدوا إلى قتال عدوِّكم مستبصرين، فإذا رأيتم الحرب شمَّرت عن ساقها، واضطرمت لظى على ساقها، فتيمموا وطيسها، وجالدوا رئيسها عند احتدام خميسها، تظفروا بالخلد (٢) والكرامة، في دار الخلد والمقامة.

فلما أضاء لهم الصبح باكروا مراكزهم وباشروا القتال واحداً بعد واحد، حتى قتلوا كلهم، وكل واحد أنشد قبل أن يستشهد رجزاً:

فأنشد الأول:

لا إخوتي إن العجوز النَاصِحَة ... قد نصحتنا إذ دَعَتنا البارحة

مقالة ذات بيان واضحة ... فباكِرُوا الحرب الضروس الكالحة

وإنما تَلقَوْنَ عند الصائحة ... من آل ساسان الكلابَ النابحة


(١) الإستيعاب ٤/ ١٨٢٧، وانظر خزانة الأدب ١/ ٣٩٥.
(٢) في الإستيعاب ١٨٢٨: (بالغنم).

<<  <  ج: ص:  >  >>