واحداً فواحداً فلما لم يبق إلا غلمانه وحجابه دعا بالطعام فلما أكلنا وغسل يديه وانصرف عنه أكثر غلمانه ولم يبق عنده غيري قال لخادم له هات الكتابين اللذين دفعتهما إليك منذ أيام وأمرتك أن تجعلهما في السفط الفلاني فأحضرهما فقال هذا كتاب الرضي، إتصل بي أنه قد ولد له ولد فنفذت إليه ألف دينار وقلت هذه للقابلة فقد جرت العادة أن يحمل الأصدقاء إلى أخلائهم وذوي مودتهم مثل هذا في مثل هذه الحال، فردها وكتب إلي هذا الكتاب فأقرأه.
قال أبو حامد: فقرأته فإذا هو اعتذار عن الرد ومن جملته: "إننا أهل بيت لا يطلع على أحوالنا قابلة غريبة وإنما عجائزنا يتولين هذا الأمر من نسائنا ولسن ممن يأخذن أجرة ولا يقبلن صلة".
قال الوزير: فهذا هذا، وأما المرتضى فإننا كنا قد وزعنا وقسطنا على الأملاك ببادوريا "بالجانب الغربي من بغداد" تقسيطاً نصرفه في حفر فوهة النهر المعروف بنهر عيسى فأصاب ملكاً للشريف المرتضى بالناحية المعروفة بالداهرية من التقسيط عشرون درهماً ثمنها دينار واحد، وقد كتب إليَّ منذ أيام في هذا المعنى هذا الكتاب، فأقرأه.
قال أبو حامد: فقرأته فإذا هو أكثر من مائة سطر يتضمن من الخضوع والخشوع والاستمالة والهز والطلب والسؤال في إسقاط هذه الدراهم عن أملاكه المشار إليها ما يطول شرحه.
قال الوزير فخر الملك: فأيهما ترى أولى بالتعظيم والتبجيل، هذا العالم المتكلم الفقيه الأوحد ونفسه هذه النفس أم ذلك الذي لم يشهر إلا بالشعر خاصة ونفسه تلك النفس؟ فقلت وفق الله تعالى سيدنا الوزير فما زال موفقاً، والله ما وضع سيدنا الوزير الأمر إلا في موضعه، ولا أحله إلا في محله، وقمت فانصرفت.
وفي هذه القصة إلى ما قصدناه منها نموذج من مجالس الوزراء