ثم إن الإسلام بقدر ما فيه من رحمة للبشرية ورأفة واحترام لها فهو يمقت الظلم والجبروت والطغيان أشد المقت ويندد بالمتصفين بهذه الصفات من العباد أمر تنديد فهو لا ربوبية فيه لأحد على أحد، لا ربوبية بالمال ولا ربوبية بالعلم ولا ربوبية باسم الدين بل الربوبية الحقيقية هي لرب العالمين وحده على عباده، وهذا هو السر في سرعة انتشار الإسلام في جل أقسام المعمورة في مدة ٢٥ عاما، وبفضل هذا الإسلام، أيها السادة اهتدى أوائلنا العظام واهتدينا نحن! لما تضمنته مبادئه السامية من رحمة وسماحة وعدل يغبط عليه، نعم بفضل هذه الخصال الكريمة ونظائرها في الإسلام تحول العرب من الجهل إلى العلم، والقسوة إلى الدين، ومن الهمجية إلى المدنية التي مدنوا بها الأمم يومئذ، وكان للعرب بها الفضل على سواهم رغم أنف من جحد منهم وما يجحد بها إلا كُلُّ أفَّاك أثيم. وفي ما كان للعرب من رحمة أكسبها إياهم الإسلام السمح، قال قوستاف لوبون:(لم يعرف التاريخ فاتحاً أرحم من المسلمين)! فهذا الإسلام أمانة عندنا وبه سعادتنا وعزنا فلنحافظ عليه وذلك بالمحافظة على كتابه الكريم ولسانه العربي المبين تعلماً وتعليماً، أيها السادة كما تلقيناه من آبائنا وأجدادنا، وكل من عارضنا في هذا التعليم رددنا معارضته رد الأباة الكرام وأولى الناس بالمحافظة على القرآن هم حفاظه الذين استحقوا به لقب"السياد" أن عملوا!.
إن قواعد الإسلام التي شرعها الله لعباده جعلت عواطفنا وشعورنا مطبوعة على أن لا نحس إلا احساساً متحداً {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً}؟ فالصائمون- مثلا - يحسون إحساساً واحداً بما ينشأ لهم من الصوم من جوع وعطش وقس على ذلك فديننا دين الرحمة والاتحاد على الخير ونحن مسلمون لا نتحد على الشر أبدا ولا نضمره لأحد من الناس، كما لا نقبله من أي أحد منهم كائنا من كان.