ما كانوا يرون من الجامدين والمغرورين من المنتسبين للعلم من التمسك بها والتأييد لشيوخها، فلما ارتفعت دعوة الإصلاح في (المنتقد) و (الشهاب) حسب الناس أن هدم تلك الأضاليل التي طال عليها الزمان، ورسخها الجهل، وأيدها السلطان، محال. ولقد صمد (الشهاب) للطرقية يحارب ما أدخلته على القلوب من فساد عقائد وعلى العقول من باطل أوهام، وعلى الإسلام من زور وتحريف وتشويه، إلى ما صرفت من الأمة عن خالقها بما نصبت من أنصاب، وشتت من كلمتها، بما اختلقت من القاب، وقتلت من عزتها، بما اصطنعت من إرهاب، حتى حقت للحق على باطلها الغلبة، فهي اليوم معروفة عند أكثر الأمة حقيقتها، معلومة غايتها، مفضوحة دوافعها ... إذا دعاها داعي السلطان لبت خاضعة مندفعة، وإذا دعاها داعي الأمة ولت على أعقابها مدبرة. ومن نكاية الله بها أن جعل أكبر فضيحتها على يد من يريد ممن توالتهم من دون الأمة مددها بما لها من مزايا عليه.
لا يهمنا اليوم أن تجهز على الجريح المثخن الذي لم يبق منه إلا ذماء، وإنما يهمنا أن نبين موقفنا مع البقية من شيوخها ونسمعهم صريح كلمتنا.
حاربنا الطرقية لما عرفنا فيها- علم الله- من بلاء على الأمة من الداخل ومن الخارج فعملنا على كشفها وهدمها مهما تحملنا في ذلك من صعاب، وقد بلغنا غايتنا والحمد الله وقد عزمنا على أن نترك أمرها للأمة هي التي تتولى القضاء عليها ثم نمد يدنا لمن كان على بقية من نسبته إليها لنعمل معاً في ميادين الحياة على شريطة واحدة وهي: أن لا يكونوا آلة مسخرة في يد نواح اعتادت تسخيرهم، فكل طرقي مستقل في نفسه عن التسخير فنحن نمد يدنا له للعمل في الصالح العام. وله عقليته لا يسمع منا فيها كلمة وكل طرقي- أو غير طرقي- يكون أذنا سماعة، وآلة مسخرة فلا هوادة بيننا وبينه حتى يتوب إلى الله.