للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حقيقي ثابت بالخلق والحفظ والإنعام وهذا ليس إلا لله فكل أحد فهو عبد الله. وأما ملك مجازى متنقل بسبب معاوضة أو عطية أو إرث وهذا هو ملك العباد وعلى هذا المعنى يقال عبد زيد أي مملوكه. وأما الطواغيت فلا ملك لها بالوجهين فلا تجوز إضافة العبد إليها. وقد جاء في إضافة الملك المجازي قوله- صلى الله عليه وآله وسلم- فيما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه "لا يقولن أحدكم عبدي فكلكم عبيد الله ولكن ليقل فتاي، ولا يقل العبد ربي ولكن ليقل سيدي" والنهي عن هذا لما فيه من التطاول والتعاظم والارتفاع ولا بأس به إذا كان في النادر للبيان والتعريف.

العبودية لله وصف عام ثابت في كل مخلوق، فكل مخلوق هو عبد لله مملوك له، في دائرة خلقه، وقبضة أمره، خاضع ذليل منقاد لتصرفات قدره.

والعبد يضاف لله تعالى بهذا المعنى إضافة عامة لا فرق فيها بين بر وفاجر، وقد قال تعالى: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا}.

ويضاف إليه إضافة خاصة إذا كان العبد قد عرف عبوديته لربه علماً، وقام بواجبها عملاً، فأطاع مولاه طاعة المملوك لمالكه عن علم واختيار. بذل وخضوع وانكسار، بلا امتناع ولا اعتراض ولا استكبار، وقد جاء على هذا قوله تعالى: {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا} {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ} {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ} {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ} {وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} ومنه قوله {عبدك} هنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>