لأنه من مقتضى ربوبيته بتكوينه للخلق وتطويرهم وإعطائهم ما يحفظهم في تلك الأطوار، وأضاف الرب إلى ضمير المخاطب، وهو النبي - صلى الله عليه وآله وسلم- لتشريفه بهذه الإضافة. ولما تشرف بهذه الإضافة الربانية. والرب جلَّ جلاله قد مضى من وصفه في الآية أنه عام الرحمة والنعمة والنوال- فمن شكر نعمة هذا الشرف أن يتخلق العبد وهو محمد - صلى الله عليه وآله وسلم- بما هو من مقتضى وصف ربه. هذا من فوائد هذه الإضافة في هذا المقام. وقد كان- صلى الله عليه وآله وسلم- رحمة للعالمين، شديد الشفقة على الخلق أجمعين، حريصاً على هدايتهم إلى الصراط المستقيم. حتى خاطبه ربه بقوله:{لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}(١) أي قاتل نفسك غماً لعدم إيمانهم. وكان أساس شرعه على العدل، والإحسان العدل مع كل واحد، والإحسان إلى كل شيء فقال تعالى:{وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا} أي لا يحملنكم بغض قوم على عدم العدل فيهم وقال- صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة)) ولما كان هو عليه الصلاة والسلام قدوتنا فنحن مخاطبون بأن نكون مثله في عموم رحمته وشفقته وعدله وبره وإحسانه. نفعل الخير عاماًّ، كما تعم خيرات الله تعالى العباد، نفعله لأنه خيرٌ نستطعم لذته، غير منتظرين جزاء، إلا من الله. لأن من انتظر الجزاء من الناس وفي هذه الحياة لا بد أن يميل بخيره عن جهة إلى جهة، وربما يكون في ميله قد أخطأ وجه الصواب، ولا بد أيضاً أن ييأس فيفتر في العمل أو ينقطع عنه عندما يرى عدم المكافاة