للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على غاية الطهر والعلوية النورانية مستعدة للإتصال بالملأ الأعلى حتى تستكمل قواها فيأتيها الملك بالوحي. علمنا هذا بمثل قوله تعالى. {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ} (١) وقوله: {وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ} (٢). وقوله تعالى: {وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ} (٣) وقوله: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} (٤) وغيره كثير. وعلمنا أن الرسل وإن كانوا موافقين لنا في الخلقة البشرية فإنهم مباينون لنا غاية المباينة في الخلقة النفسية من حيث الطهر والكمال. فنفوسهم بقيت على طهرها لم تدنس بشيء ونفوسنا لا تخلو من تدنس، والموفق من داوم على غسلها بالتوبة وتحليتها بالصالحات، وكمالهم فطري ويبلغون فيه بعملهم المتواصل وعصمتهم الربانية إلى الغايات التي لا تنال وكمالنا ليس كذلك في الأمور الثلاثة الفطرة والعمل المتواصل والعصمة.

علمنا هذه بقوله تعالى: {إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} (٥) فبالنظر الصحيح فيما منَّ الله عليهم به ندرك أنهم ليسوا مثلنا وإن ساوونا في الخلقة البشرية. وعلمنا أن لا ننظر إلى ظواهر الأمور دون بواطنها وإلى الجسمانيات الحسية دون ما وراءها من معان عقلية بل نعبر من


(١) ٢٢/ ٧٥ لحج.
(٢) ٤٧/ ٣٨ ص.
(٣) ٤٢/ ٣ آل عمران.
(٤) ٦/ ١٢٤ الأنعام.
(٥) ١١/ ١٤ إبراهيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>