للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موضوعنا أن نقصر عباد الرحمن على تلك الصفات، لكن حضرته أخذ يقرر في قواعد الحصر الضرورية عند المبتدئين وخرج من ذلك إلى أن الآية لا حصر فيها وإننا تسرعنا وما تدبرنا ولم نحسن تطبيق قواعد العلوم على موضوع النزاع. وفي الحق أن حضرته هو الذي لم يحسن تنزيل ما طولب به في الحصر على كلام لم ندع فيه الحصر ولم نستدل به وإنما استدللنا بالآية مثل ما استدللنا بغيرها على الوجه الذي تقدم وعلى ما معه من الوجوه.

٣ - ما في كلام الإمام الرازي من أن الله مستحق للعبادة لذاته وأنه لو أمرنا بالعبادة بلا ثواب ولا عقاب لوجبت فهو حق مسلم وليس هو موضوع النزاع، كان موضوع النزاع هل العبادة مع الخوف والرجاء أكمل أم العبادة دونهما وما فيه من أن (من عبد الله للثواب والعقاب فالمعبود في الحقيقة هو الثواب والعقاب والله واسطة) - إذا كان يعني به أنه عبد الله للثواب من حيث ذاته والعقاب من حيث ذاته دون الإمتثال للأمر وتوجه للرب، فهذا ليس كلامنا فيه، وإن كان يعني أنه يعبد للثواب والعقاب من حيث أن العبادة الشرعية موضوعة على رجاء الثواب وخوف العقاب فهو يعبد الله امتثالا لأمره- فكلامه منوع لأن العبادة هي التوجه بالطاعة لله امتثالا لأمره وقياما بحقه مع الشعور بالضعف والذل أمام قوة وعز الربوبية وذلك يبعث على الخوف المأمور به، ومع الشعور بالفقر والحاجة أمام غنى وفضل الربوبية وذلك يبعث على الرجاء المأمور به، فالمعبود في الحقيقة والواقع هو المتوجه إليه بالطاعة وهو الله تعالى لا الثواب الذي تعلق به الرجاء ولا العقاب الذي تعلق به الخوف. وكيف يكون الثواب وهو المعبود والعقاب هو المعبود والله هو الذي شرعهما، فهل يشرع عبادة غيره، وما هذا إلا من عدم التأمل في مثل قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>