للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال في هذه الآية أنها آية مكية نسختها آية مدنية وهي آية الفرقان (١): {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}. ومراده بالنسخ التخصص، يعني أن لفظة من في {إِلَّا مَنْ تَابَ} عامة تشمل القاتل فتقتضي بعمومها أن له توبة وأن آية الفرقان (النساء) التي جاءت في القاتل خصصتها وأخرجته من عمومها. قال ابن رشد- بنقل الابي-: وإلى هذا ذهب مالك لأنه قال: "لا يؤم القاتل وإن تاب" قال ابن رشد: وهذا لأن القتل فيه حق لله وحق للمقتول، وشرط التوبة من مظالم العباد رد التبعات أو التحلل، وهذا لا سبيل للقاتل إليه إلا بأن يعفو عنه المقتول قبل القتل. وذهب جمهور السلف وأهل السنة إلى أنَّ للقاتل توبة، ونظروا في هذه الآية إلى عموم لفظها لا إلى خصوص سبب نزولها، وجعلوا عموم {وَمَنْ يَقْتُلْ} في آية الفرقان (النساء) مخصصا بمن تاب المستثنى في هذه الآية فابن عباس خصص من تاب بمن يقتل، وهم عكسوا فخصصوا من يقتل بمن تاب، ويرجح تخصيصهم العمومات الدالة على قبول التوبة من كل مذنب مثل قوله تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} (٢) وقوله: {يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ} (٣) وقوله: {قَابِلِ التَّوْبِ} (٤).


(١) كذا في الأصل ولكنها آية "النساء".
(٢) ١٠٩/ ٤ النساء.
(٣) ٤٢/ ٢٥ الشورى.
(٤) ٣/ ٤٠ المؤمن وتمام الآية: {غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>