ونرى أن نزيد المقام تقريراً وتوضيحاً بما ننقله عن إمامين كبيرين في الحديث والفتوى: الإمام الجصاص الحنفي والقاضي عياض المالكي. ثم عن إمام دار الهجرة.
قال الجصاص: - وهو يريد {إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} -. "وقال أصحابنا: المراد الوجه والكفان، لأن الكحل زينة الوجه والخضاب والخاتم زينة الكف، فإذ قد أباح النظر إلى زينة الوجه والكف فقد اقتضى ذلك لا محالة إباحة النظر إلى الوجه والكفين. ويدل على أن الوجه والكفين من المرأة ليسا بعورة أيضا أنها تصلي مكشوفة الوجه واليدين، فلو كانا عورة لكان عليها سترهما كما عليها ستر ما هو عورة. وإذا كان كذلك جاز للأجنبي أن ينظر من المرأة إلى وجهها ويديها بغير شهوة".
وقال عياض " في هذا كله- وهو يعني حديث نظر الفجأة- عند العلماء حجة انه ليس بواجب ان تستر المرأة وجهها وإنما ذلك استحباب وسنة لها. وعلى الرجل غض بصره عنها إلى ان قال: ولا خلاف ان فرض ستر الوجه مما اختص به أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -. اهـ من الاكمال بنقل المواق. ونقل صدره النووي وأقره.
وفي الموطأ:(سئل مالك: هل تأكل المرأة مع غير ذي محرم منها أو مع غلامها؟ فقال: ليس بذلك بأس، إذا كان على وجه ما يعرف للمرأة أن تأكل معه من الرجال. قال: وقد تأكل المرأة مع زوجها ومع غيره ممن يواكله أو مع أخيها على مثل ذلك).
فمالك يرى جواز مواكلة المرأة للأجنبي إذا لم تكن في خلوة معه، بأن كان ذلك بحضرة زوجها أو أخيها مثلا. وهي تقتضي ابداء وجهها وكفيها للأجنبي إذ ذلك لازم عند المواكلة كما قاله الباجي وأقره.
فهذه النقول كلها مفيدة لما دلت عليه الآية من أن الوجه والكفين