جاءت الدعوة الإصلاحية ومصر والعالم الإسلامي على تلك الحال فاصطدمت بقوة ما كانت تثبت لها لولا قوة الحق والإيمان. ومضى ثلث قرن أو يزيد والدعوة الإصلاحية تنتشر وتتقدم وتنقص البدع والضلالات من أطرافها ولكنه لم تقم في أمة إسلامية هيئة علمية منظمة تعلن الدعوة إعلانا عاما وتصمد للمقاومة غير مبالية بما يؤبد البدع والضلالات من سلطان ديني وسلطان دنيوي- غير الأمة الجزائربة فكان من علمائها الأحرار المستقلين الذين لا يعيشون على الوظيف أولئك الذين نهضوا بالدعوة الإصلاحية منذ بضع عشرة سنة وجاهدوا فيها لله وصابروا وأسسوا لها أعظم مؤسسة دينية- جمعية العلماء المسلمين الجزائريين- حتى أصبحت الدعوة الإصلاحية- والفضل لله والحمد لله- ثابتة الأركان مشيدة البنيان باسقة الأفنان دانية الثمار وارفة الظلال- لا على الجزائر وحدها بل على الشمال الإفريقي كله.
لم يبق للمتشبثين بالبدع والضلالات والأوهام والخرافات من شبهة يتمسكون بها ويستندون إليها إلا طرقية مصر وعلماء مصر ورجال الأزهر. وكانت- لا كانت- شبهة لبس بها الشيطان كثيرا وأضل بها العوام وأيد بها حزبه وشغب بها على حزب الله. وكنا على اليقين من أن الله سيزيل هذه الشبهة، ويزيح هذه المحنة ويؤيد العلماء المصلحين في الأزهر فيصبح الأزهر- حجة للمصلحين ومصدر هداية للمسلمين وقد حقق الله الرجا وأصبح الأزهر اليوم يؤلف من رجاله الرسميين، لجانا للقيام بالإصلاح الديني علما وعملا، ومن ورائه الحكومة المصرية تؤيده وتسنده كما تراه في المقال التالي الذي نقلناه من جرائد مصر. فما أعظمها بشرى نزفها للمسلمين ولقرائنا في ختام هذه السنة الحادية عشرة من عمر مجلتهم فتكون أعظم ما نهنيهم به في هذا العيد، عيد النحر السعيد راجين من الله المزيد {كَتَبَ اللَّهُ