للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلام مالك عليه تقول عليه والإقدام على التحريم ليس بالهين إذ لم تقم عليه الأدلة الصريحة".

لم ينصف فضيلته الشاطبي في الصورة التي صور بها كلامه وفيما رواه به. وكل ذلك لأجل أن يتوصل إلى تهوين ارتكاب بدعة القراءة في المواطن الثلاثة لأنها من المكروه الذي لا يعاقب على فعله ونحن نذكر فيما يلي ما هو تلخيص لبعض ما استدل به الشاطبي وزيادة عليه:

إن من ابتدع مثل هذه البدعة التي هي تقرب فيما لم يكن قربة كأنه يرى أن طاعة لله بقيت تنقص هذه الشريعة فهو يستدركها وأن محمدا- صلى الله عليه وآله وسلم- خفيت عليه قربة هو اهتدى إليها أو لم تخف عليه ولكنه كتمها. وهذه كلها مهلكات لصاحبيها فلا يكون ما أوقعه فيها من ابتداع تلك التي يحسبها قربة إلا محرما. وقد قال مالك فيما سمعه من ابن الماجشون: "من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمدا- صلى الله عليه وآله وسلم- خان الرسالة لأن الله يقول: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} فما لم يكن يومئذ دينا فلا يكون اليوم دينا"، هذا من جهة النظر المؤيد بكلام مالك. وأما من جهة الأثر فقد جاء في صحيح مسلم عن جابر ابن عبد الله أن رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- كان يقول في خطبته: «أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة» وفيه عن أبي هرير قال قال رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم: «مندعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا». ووجه الدليل من الحديثين أنه سمى في الحديث الأول البدعة شراً وضلالا فعم ولم يخص، وأثبت الإثم لمرتكب الضلالة والدَّاعي إليها والإثم لا يكون

<<  <  ج: ص:  >  >>