للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وآله وسلم- وهي الترك، وإن شئت تمسكت بهذا المستحب الذي أحدثته الخلوف. لا كلا! ما كان مقابلا للسنة إلا البدعة. وما كانت البدعة إلا ضلالة إلى آخر الاستدلال المتقدم وقد تقدمت مناقشتنا له فيمن نسب إليهم الاستحباب.

ثم أراد فضيلته أن يستدل على أن ما جرى عليه عمل الناس من الخلافات لا يغير فقال: "قال أبو سعيد بن لب كبير فقهاء غرناطة في عصره وهو القرن الثامن: أن ما جرى عليه عمل الناس وتقادم في عرفهم وعاداتهم ينبغي أن يلتمس لهم مخرج شرعي على ما أمكن من وفاق أو خلاف (أي بين العلماء) إذ لا يلزم ارتباط العمل بمذهب معين أو بمشهور من قول قائل".

ما يجري، به عمل الناس ينقسم إلى قسمين قسم المعاملات وقسم العبادات. وقسم المعاملات هو الذي يتسع النظر فيه بالمصلحة والقياس والأعراف وهو الذي تجب توسعته على الناس بسعة مدارك الفقه وأقوال الأئمة والاعتبارات المتقدمة، وفي هذا القسم جاء كلام أبي سعيد هذا وغيره وفيه نقله الفقهاء وأنت تراه كيف يعبر بالعرف والعادة. أما قسم العبادات فإنه محدود لا يزاد عليه ولا ينقص منه فلا يقبل منه إلا ما ثبت عن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- فلا يتقرب إلا بما تقرب به وعلى الوجه الذي كان تقربه به ومن نقص فقد أخال ومن زاد فقد ابتدع وشرع وذلك هو الظلام والضلال: ومن هذا القسم التقرب بالقراءة في المواطن الثلاثة بعد ما ثبت أن سنة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم- تركها وفيها جاء كلام ابن سعيد الذي نقلناه عنه فيما تقدم. فمن العجيب- ولا عجب مع الغرض- أن يقلب فضيلته الحال فيهمل كلام أبي سعيد الذي هو في موضوعنا ويأتي بكلام له في موضوع آخر وينزل قوله في قسم المعاملات على ما هو من قسم العبادات.

<<  <  ج: ص:  >  >>