للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منصوبٍ في المسجد يومَ الجُمعَة يَخطبُ النَّاسَ، فَجَاءهُ رومِيٌّ فقال: يا رسولَ الله، ألا أصنعُ لَكَ شيئًا تَقعُدُ عَلَيه كأنَّكَ قائم؟ فَصَنَعَ لهُ مِنبَرًا دَرَجَتين ويقعُدُ على الثالثَةِ، فَلَمَّا قَعَدَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - على ذلك المِنبرِ، خَارَ الجِذعُ كَخُوار الثَّور، حتَّى ارتَجَّ المَسجدُ بِخُواره، فَنَزَلَ إليه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فالتَزَمَهُ، فَسَكَنَ، فَقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "والَّذي نَفسِي بيَدِه، لو لم ألتَزمْهُ لما زال كذا إلى يوم القيامة، حُزنًا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثمَّ أمَرَ به رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَدُفِنَ (١).

٢٤٧ - قال محمَّد بن الحسن بن زبالة: كان طُولُ منبر النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - الأوَّل ذِراعَينِ في السَّماء وثلاث أصابع، وعَرضُهُ ذِراعٌ راجِحٌ، وطولُ صَدرهِ وهو مُستَنَدُ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ذِراع، وطولُ رُمَّانَتَي المنبر الَّلتين كان يُمسِكهُما - صلى الله عليه وسلم - بيَدَيه الكَريمَتَين إذا جَلَس، شِبرٌ وإِصبَعانِ، وعَرضُهُ ذِراعٌ في ذِراع، وَعَدَدُ دَرَجاتِه ثلاثٌ بالمقعَد، وفيه خَمسةُ أعوادٍ من جوانِبِهِ الثَّلاثة. أخرجه الشيخ محب الدين بن النَّجَّار (٢).

هذا ما كان عليه المنبر في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفي خلافة أبي بكر، وعمر، وعُثمان، وَعَلي، فَلمَّا حَجَّ معاوية في خلافته، كساه قُبطيَّةً، ثم كتَبَ إلى مروان وهو عامله على المدينة: أن ارفع المنبر عنِ الأَرضِ، فَدَعا له النَّجَّارين، ورفعوه عن الأرض، وزاد من أسفَلِه سِتَّ دَرَجاتٍ، ورَفعُوهُ عليها، فَصَارَ المنبرُ تِسعَ درَجاتٍ بالمجلس، ثم إن هذا المنبر تَهافَتَ على طول الزَّمان، فَجَدَّدَه بعض خلفاء بني العباس، واتَّخَذَ من بقايا أعواد منبر النَّبي - صلى الله عليه وسلم - أمشاطًا للتَبَرُّكِ بها. ذكره بعض المؤرخين.


(١) رواه الدارمي ١/ ١٩ في المقدمة: باب ما أكرم النبي - صلى الله عليه وسلم - بحنين المنبر، والبيهقي ٢/ ٢٧٦ في "دلائل النبوة" وسنده حسن.
(٢) انظر "وفاء الوفا" للسمهودي.

<<  <  ج: ص:  >  >>