(١) قال البخاري في "صحيحه" ٨/ ٣٨٣ قال سالم: اليقين الموت، وسالم هذا: هو سالم بن عبد الله بن عمر كما قال ابن جرير: حدثنا محمد بن بشار حدثنا يحيى بن سعيد، عن سفيان، حدثنا طارق بن عبد الرحمن عن سالم بن عبد الله {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} قال: الموت، وهذا إسناد قوي، وهكذا قال مجاهد والحسن وقتادة وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وغيرهما، والدليل على ذلك قوله تعالى إخبارًا عن أهل النار أنهم قالوا: {قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (٤٣) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (٤٤) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (٤٥) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (٤٦) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ}. وفي "الصحيح" من حديث الزهري عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أم العلاء امرأة من الأنصار أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما دخل على عثمان بن مظعون وقد مات قالت أم العلاء: رحمة الله عليك أبا السائب فشهادتي عليك لقد أكرمك الله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وما يدريكِ أنَّ الله أكرمه؟ " فقلت: بأبي وأمي يا رسول الله فمن؟ قال: "أما هو فقد جاءه اليقين وإني لأرجو له الخير". قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: ويستدل بهذه الآية على تخطئة من ذهب من الملاحدة إلى أن المراد باليقين المعرفة، فمتى وصل أحدهم إلى المعرفة سقط عنه التكليف عندهم، وهذا كفر وضلال وجهل، فإن الأنبياء عليهم السلام كانوا هم وأصحابهم أعلم الناس بالله وأعرفهما بحقوقه وصفاته وما يستحق من التعظيم، وكانوا مع هذا أعبد وأكثر الناس عبادة ومواظبة على فعل الخيرات إلى حين الوفاة.