"إنَّ الله يُحْدِثُ مِن أَمْرِهِ مَا يَشاءُ، وَإِنَّ مِمَّا أحْدَثَ: ألا تَكَلَّمُوا فِي الصَّلاةِ" فَرَدَّ عَلَيَّ (١).
[حسن تعليم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المتكلم في الصلاة]
٥١٦ - عن معاوية بن الحكم السُّلَّمي قال: بينا أنا أُصَلِّيِ مَعَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، إِذ عَطَسَ رَجُلٌ من القوم، فَقُلتُ: يَرحَمُكَ الله، فَرَمانِي القَومُ بِأبْصَارِهِم، فَقُلْتُ: واثُكْلَ أُمِّياهُ، مَا شَأنُكُم تَنظُرُونَ إِلَيَّ، وَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بأيديهم على أفخاذهم، فلمَّا رأيتُهم يُصَمِّتوني، لكنِّي سكتُّ، فلما صلَّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبِأبي هو وأمِّي، ما رَأيتُ معلِّمًا قبلَهُ ولا بعدهُ أحسنَ تعليمًا منه، ما نهرَني، ولا ضَرَبني، ولا شَتمنِي، فقال:"إنَّ هذه الصَّلاة لا يَصلُحُ فيها شيءٌ مِن كَلَام النَّاس، إِنَّما هِيَ التَّسبِيحُ، والتَّكْبِيرُ، وَقِرَاءةُ القُرآن"، أو كما قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، قُلتُ: يا رسُولَ الله، إنِّي حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّة، وَقَدَ جَاءَ الله بالإِسلامِ، وإِنَّ مِنَّا رجَالًا يَأتُونَ الكُهَّانَ، قَال:"فلا تأتهم"، قَال: وَمِنَّا رِجالٌ يتَطَيَّرون، قَالَ:"ذَلِكَ شَيءٌ يَجِدُونَهُ فِي صُدُورِهِم فَلا يَصُدَّنَّهُم" قال: قُلتُ: وَمِنَّا رِجالٌ يَخُطُّونَ، قال:"كانَ نَبِيٌّ من الأنْبِياءِ يَخُطُّ، فَمَن وَافَقَ خَطُّهُ فَذَاكَ"، قال: وكانت لِي جَارِيَةٌ تَرعَى غَنَمًا لِي قِبَلَ أُحُدٍ وَالجَوَّانِيَّة، فَاطَّلَعتُ ذَاتَ يَومٍ، فَإذا الذِّئبُ قَد ذَهَبَ بشَاةٍ من غَنَمِنا، وَأنا رَجُلٌ مِن بَنِي آدَمَ، آسَفُ كما يَأسَفُون، لَكِنِّي صَكَكْتُهَا صَكَّةً، فَأتيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَتَعَظَّمَ ذَلِكَ عَلَيَّ، قُلتُ: يا رَسولَ الله، ألا أُعتِقُها؟ قال:"ائتِنِي بِها" فَأتَيتُهُ بِها، فَقَالَ لَهَا:"أينَ الله"؟ فَقَالَت: في السَّماء، قَال:"من أنا"؟ قالت: أنتَ
(١) رواه البخاري ٣/ ٥٨ و ٥٩ في العمل في الصلاة: باب ما ينهى من الكلام في الصلاة، وباب لا يرد السلام في الصلاة، وفي فضائل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -: باب هجرة الحبشة، ومسلم رقم (٥٣٨) في المساجد: باب تحريم الكلام في الصلاة، وأبو داود رقم (٩٢٣) و (٩٢٤) في الصلاة: باب رد السلام في الصلاة.