[ذكر خطبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبذله من النفس الشريفة النصف]
١٨١٣ - رواه البيهقي عن الفضل بن عباس قال: أَتاني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يُوعَكُ وَعْكًا شدِيدًا قد عَصَبَ رَأْسَهُ فقال:"خُذْ بِيَدِي يا فضلُ" [فأخذْتُ بيدِه حتى قَعَدَ على المنبر، ثم قال:"ناد في النَّاسِ يا فَضْلُ"] فناديتُ: الصلاة جامعة، قال: فاجتمعوا، فقامَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - خَطِيبًا، فقال:"أما بعدُ أَيُّها النَاسُ! إِنَّهُ قد دَنا مني خُفُوق من بيْن أَظْهركم، وأنا تَرَوْني في هذا المقام فِيكم، وقد كنت أرى أنَّ غيره غَيْرُ مُغْنٍ عني حتى أقومه فيكم، ألا فمن كنتُ جلدت لَهُ ظَهْرًا، فهذا ظَهْري فَلْيَسْتَقِدْ، ومن كنتُ أَخَذتُ له مالًا، فهذا مالي فَليَأخُذْ منه، ومن كنتُ شَتَمْتُ له عِرْضًا، فهذا عِرْضِي فَلْيَسْتَقِدْ، ولا يقولَنَّ قائل: أخاف الشحناء من قبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أَلَا وإِنَّ الشَّحْناءَ لَيْسَتْ من شأني ولا من خُلُقي، وإنَّ مِنْ أَحبِّكم إليَّ من أَخَذَها إِنْ كانَ له عليَّ، أو حَلَّلني فَلَقِيتُ الله عز وجل ليستْ لِأَحدٍ عندي مظلمة. قال: فقام رجل فقال: يا رسول الله لي عِنْدَكَ ثلاثَةُ دَراهِم، فقال: "أَمَّا أنا، فلا أُكَذِّبُ قائِلًا، ولا أَسْتَحْلِفُ على يمين فِيمَ كانتْ لك عندي؟ " قال: أما تذكر أَنَّه مرَّ بِكَ سائِلٌ، فأمرتَني، فأَعْطَيْتُه ثلاثَةَ دراهِم، قال: "أَعْطِه يا فضل" قال: فأمر به، فجلس، ثم عاد رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في مقالته الأولى، ثم قال: "أَيُّها الناسُ، من كان عِنْدَهُ من الغُلُولِ شَيْءٌ فَلْيَرُدَّهُ" فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله! عِنْدِي ثلاثةُ دراهم غَلَلْتُها في سبيل الله، قال: "ولم غَلَلْتَها؟ " قال: كنت إليها مُحْتَاجًا، فقال: "خُذْها منه يا فَضْلُ" ثم عادَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مقالته الأولى، فقال: "يا أَيُّها الناس! من أَحَسَّ من نَفْسِه شيئًا، فلْيَقُم أدْعُ الله عز وجل له" قال: فقام إليه رجلٌ، فقال: يا رسولَ الله: إني لمُنَافِقٌ، وإني لكَذُوبٌ، وإِنِّي لَنَؤوُمٌ، قال عمر بن الخطاب: وَيْحَكَ أَيُّها الرجلُ، لقد سَتَرَكَ اللهُ لو سَتَرْتَ علي نَفْسِكَ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَهْ يا ابن الخَطَّاب، فُضُوحُ الدُّنيا أَهْوَنُ