أصحابه ما قسم له، وكانَ يَرْعى ظَهْرَهُم، فلَّما جاءَ دَفَعُوه إليه، فقال: ما هذا؟ قالوا: قِسْمٌ قَسَمَ لَكَ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأَخَذَهُ، فجاء به إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: ما هذا؟ قال:"قَسَمْتُهُ لَكَ" قال: ما على هذا اتَّبَعْتُكَ، ولكن اتَّبَعْتُكَ على أَن أُرْمى [إلى] ها هنا، وأَشار إلى حلقه بِسَهْمٍ، فأَموتَ، فأَدْخُلَ الجَنَّةَ، فقال:"إن تصدُقِ الله يصدُقُكَ"، فَلَبِثوا قليلًا، ثمَّ نهضوا في قِتال العَدُوِّ، فأتي به النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يُحْمَلُ قد أصابَهُ سَهْمٌ حيث أشار، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أَهُوَ هُوَ؟ " قالوا: نعم، قال:"صَدَقَ اللهَ فَصَدَقه" ثم كفَّنَهُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في جُبَّتِهِ، ثم قَدَّمَهُ فصلَّى عليه، فكان فيما ظَهَرَ مِنْ صَلاِته "اللهُم هذا عَبْدُكَ خَرجَ مُهاجِرًا في سَبِيلِكَ، فقُتِل شَهيدًا أَنَا شَهيدٌ على ذلك" أخرجه النسائي (١).
[الوصية للأمراء]
١٤٤٩ - عن بريدة قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذَا أَمَّرَ أميرًا على جيش، أو سَريةٍ أوصاه في خَاصَّتِهِ بتقوى الله، وبمن معه من المسلمين خيرًا، ثم قال: "اغْزُوا باسْمِ الله، في سَبيلِ اللهِ، قاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بالله، اغْزُوا، ولا تَغُلُّوا، ولا تَغْدِرُوا، ولا تُمثِّلوا، ولا تقْتُلوا وَليدًا، وإذا لَقِيتَ عَدُوَّكَ من المشركين، فادْعُهُمْ إلى ثَلاثِ خِصالٍ أو خِلالٍ، فأَيَّتُهُنَّ ما أجابُوك فاقبل منهم، وكُفَّ عنهم، ثم ادْعُهُم إلى الإسلام، فإن أجابوك فاقبل منهم وكفَّ عنهم، ثم ادعهم إلى التَّحَوُّلِ مِنْ دِيارِهم إلى دَارِ المهاجرين، وأخْبرهُم أنَّهم إنْ فَعَلُوا ذلك، فلهم ما للمُهاجرين، وعَلَيْهمْ مَا عَلَى المُهاجرين، فإن أبَوْ أن يَتَحَوَّلُوا منها، فأخبرهم أنَّهم يكونون كأعرابِ المسلمين، يجري عليهم حكمُ الله الذي يجري على المؤمنين، ولا يكونُ لهم في الغَنِيمَةِ والفَيْءِ شيءٌ، إِلَّا أن يُجَاهِدُوا مع المسلمين، فإن هم أَبَوْا، فسَلْهُم الجِزْيَةَ، فإن هم أجَابُوكَ، فاقْبلْ منهم، وكُفَّ عنهم، وإن أَبَوْ،
(١) ٤/ ٦٠ و ٦١ في الجنائز: باب الصلاة على الشهداء، وإسناده صحيح.