للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بطنه شُقَّ ثمَّ طُهِّرَ وغُسِّل، ثمَّ أُعيد كما كان، قالت: هذا والله خير فأبشر، ثم اسْتَعْلَنَ له جِبْريلُ عليه السلام وهو بأعلى مكة، فأجْلَسَهُ على مَجْلِسٍ كَرِيمٍ مُعْجِبٍ كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقولُ أجْلَسَني على بِساطٍ كهيئة الدُّرْنوك (١)، فيه الياقوت واللؤلؤ، فبشره برسالة الله عز وجل حتى اطمأن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال له جبريل عليه السلام: "اقرأ" فقال كيف أقرأ؟ قال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (٢) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (٣) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (٤) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} فَفتَحَ جِبرِيلُ عَينًا من ماء فتوضأ ومحمد - صلى الله عليه وسلم - ينظر إليه، فوضأ وجهه ويديه إلى المرفقين، ومسح برأسه ورجليه إلى الكعبين, ثم نضح فرجه، وسجد سجدتين مواجهةَ البيت، ففعل محمَّد - صلى الله عليه وسلم - كما رأى جبريل يفعل (٢).

٢٨ - قال ابن شهاب: وكانت خديجة أوَّل مَن آمن بالله وصَدَّق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل أن تُفرَض الصلاة، قال: فقبِل الرسول - صلى الله عليه وسلم - رِسالَة ربه عز وجل، واتَّبع الَّذي جاءه به جبريل عليه السلام مِن عند الله، فلمّا قَبِلَ الَّذي جاءه من عِند الله، وانصرف مُنْقَلِبًا إلى بيته جعل لا يمرُّ على شجر ولا على حجر إلا وسلم عليه، فرجع مسرورًا إلى أهله موقنًا، قد رأى أمرًا عظيمًا، فلما دخل على خديجة قال: أرأيتكِ (٣) الَّذي كنتُ أحَدِّثكِ أنِّي رأيته في المنام، فإنَّه جبريل عليه


(١) قال الجواليقي في "المعرب" الدرنوك: جمعه درانك، يقال: إن أصله غير عربي، وقد استعملوه قديمًا، وهو نحو من الطنفسة والبساط.
قال الراجز:
أرسلت فيها قطِمًا لكالكا ... من الذريحِيَّات جعدًا آركا
يقصر يمشي ويطول باركا ... كأنَّ فوق ظهره درانكا
(٢) الجملة الأخيرة التي بعد الآية لم ترد في "دلائل النبوة" المطبوع.
(٣) في الأصل: أيأتيك وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>