للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٨ - عن علي رضي الله عنه قال: لما نزلت هذه الآية على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (٢١٤) وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: عرفت أني إن بادأت بها قومي رأيت منهم ما أكره، فصمتُّ عليها، فجاءني جبريل عليه السلام، فقال: يا محمد إنَّك إن لم تَفْعَل ما أَمَرَكَ به ربُّك عَذَّبَك ربُّك. قال عليٌّ فدعاني، فقال يا عليُّ إن الله قد أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين، فعرفت أني إن بادأتهم بذلك رأيت منهم ما أكره، فصمتُّ عن ذلك ثم جاءني جبريل فقال: يا محمد إن لم تفعل ما أمرْتَ به عذَّبك ربُّك، فاصنع لنا يا عليُّ رِجل شاةٍ على صاع من طعام، وأعِدَّ لنا عُسَّ لبن، ثم اجمع لي بني عبد المطلب، ففعلتُ، فاجتمعوا له وهم يومئذٍ أربعون رجلًا، يزيدون رجلًا أو ينقصونَه، فيهم أعمامه أبو طالب وحمزةُ والعباس وأبو لهب الكافر الخبيثُ، فقدَّمت إليهم تلك الجفنة، فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منها جذبة (١) فشقّها بأسنانه، ثم رمى بها في نواحيها، وقال: كلوا باسم الله، فأكل القوم حتى نهلُوا عنه ما يرى إلا آثار أصابعهم، والله إن كان الرجل منهم يأكل مثلها، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اسقهم يا علي، فجئت بذلك القعب، فشربوا به حتى نهلوا جميعًا، وايم الله إن كان الرجل منهم ليشرب مثله، فلما أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يكلّمهم، بَدَرُه أبو لهب إلى الكلام، فقال: لَهَدَّ ما سحَرَكُم صاحبكم، فتفرقوا ولم يكلمهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما كان الغد، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا عليُّ عُدْ لنا بمثل الذي كنت صنعت لنا بالأمس من الطعام والشراب، فإن هذا الرجل قد بدرني إلى ما قد سمعت قَبْلَ أن أُكلم القوم ففعلتُ، ثم جمعتهم له، فصنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما صنع بالأمس، فأكلوا حتى نهلوا عنه، ثم سقيتهم فشربوا من ذلك القُعب حَتَّى نهلوا عنه، وايمُ الله إن كان


(١) في الدَّلائل: "حذية" ورواية أخرى: قطعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>