للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ عَلَيها، فَقَالَت: أَبِي أَمَرَنِي بِهَذا، قال: وكانَ عَليٌّ رضي الله عنه وعنها يقول بالعراق: فَذَهَبتُ إِلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - مُحَرِّشًا فاطِمَةَ الَّذي صَنَعَت، مُستَفْتِيًا لرَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فِيما ذَكَرَت [عنه] فَأَخبَرْتُهُ: أَنِّي أَنكَرتُ ذَلِكَ عَلَيها، فَقالَت: أَبِي أَمَرَنِي بِهذا، فقال: صَدَقَتْ، صَدَقَتْ، ماذا قلت حين فَرَضتَ الحَجَّ؟ قال: قلتُ: الَّلهُمَّ إِنِّي أُهِلُّ بما أَهَلَّ بِهِ رَسولُكَ، قال: فإنَّ مَعِيَ الهَديَ فَلا تَحِلَّ، قال: فكان جَماعَةُ الهَديِ الَّذي قَدِمَ به عَليٌّ من اليَمَنِ، والَّذِي أَتَى بِهِ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مائةٌ قال: فَحَلَّ النَّاسُ كُلُّهُم, وقَصَّرُوا, إلا النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ومن كانَ مَعَهُ هَديٌ، فَلَمّا كانَ يَومُ التَّرويةِ، تَوَجَّهُوا إلى منَىً, فَأهَلُّوا بالحَجِّ، وَرَكِبَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَصَلَّى بها الظُّهرُ والعَصرَ والمَغرِبَ والعِشاءَ والفَجرَ، ثمَّ مكث قليلًا حتى طَلعَت الشَّمسُ، فأمرَ بقبَّةٍ من شَعرٍ، تُضربُ (١) له بنمِرة، فسارَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ولا تشكُّ قُرَيشٌ إلا أنه واقفٌ (٢) عند المشعرِ الحرام بالمُزدَلفَة، كما كانت قريشٌ تصنع في الجاهلية، فَأجازَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أتى عرفة، فَوجدَ القُبَّة قد ضُربَت له بنمرةٍ، فنزلَ بها، حتى إذا زَاغت الشَّمسُ، أمر بالقصواء فَرُحِلت له، فَركبَ، فأتى بَطن الوادي، فخطبَ النَّاسَ وقال: "إنَّ دماءكُم وأموالَكُم حَرامٌ علَيكُم، كحُرمةِ يومكُم هذا، في شَهركُم هَذا، في بَلدِكُم هذا، ألا كلُّ شيءٍ من أمر الجاهلية تحتَ قَدَمَيَّ مَوضوعٌ، ودِماءُ الجاهلية موضوعَةٌ، وإنَّ أوَّل دَمٍ أَضَعُ من دمائنا دَمُ رَبيعة بن الحارث كان مسترضَعًا في بَنِي سَعدٍ، فَقَتَلَتْهُ هُذَيلٌ، وَرِبا الجاهلية موضوعٌ، وأوَّلُ رِبا أضَعُ رِبا العبَّاس بن عبد المطَّلب، فإنَّهُ موضوعٌ كُلُّهُ، فاتَّقوا الله في النِّساء، فإنَّكُم أخَذتُموهُنَّ بِأمان الله، واستَحلَلتُم فُرُوجِهِنَّ بِكَلِمَة الله، ولَكُم عَلَيهِنَّ أن لا يُوطِئْنَ فُرُشَكُم أَحَدًا تَكرَهُونَهُ، فإن فَعَلنَ فاضْرِبوهُنَّ ضَربًا غَيرَ مُبَرِّح، وَلهُنَّ


(١) في الأصل: فضربت، وما أثبتناه من "صحيح مسلم".
(٢) في الأصل: ينزل، وما أثبتناه من "صحيح مسلم".

<<  <  ج: ص:  >  >>