للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التضحية عنه على ما سبق ذِكْره، وأوصى بأشياءَ أخر يأتي ذكرها، أما الوصية بالإمامة صريحًا، فإنه لم يكن، ولو كان لانقاد له الصحابة رضي الله عنهم، فإنهم كانوا أجلَّ وأعظم من أن يعصوا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - في إنفاذ وصيته، وكيف نتصور منهم إنكار وصيَّتِه لو كانت، وقد كانوا ينقادون لأُمَرائِه عليهم طاعة لله ولرسوله.

١٢٤٦ - وقد قال طلحة بن مصرِّف فيما رواه ابن ماجه: قال الهُزَيل بن شرحبيل: أبو بَكْر كان يَتَأَمَّر على وَصِيِّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وَدَّ أبو بكرٍ لو أنه وجد من رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - عَهْدًا، فخزم أنْفَهُ بخزام (١).

١٢٤٧ - وروى البخاري باسنادٍ عن عبد الله بن عباس: أنَّ عَلِيَّ بن أبي طالبٍ رضي الله عنه خَرَجَ من عِنْدِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في وَجعِهِ الذي تُوُفِّيَ فيه، فقال الناس: يا أبا الحسَن، كيف أَصْبَحَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: أَصَبَحَ بِحَمْدِ الله بارِئًا، فأخذ بيده عبَّاسُ بن عبد المطلب، فقال: أنتَ والله بعد ثَلاثٍ عبدُ العصا، وإِنِّي والله لأَرى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - سوف يَتَوَفَّاه الله من وَجَعِهِ هذا، إِنِّي أَعْرفُ وُجُوهَ بني عبد المطلب عِنْدَ المَوْتِ، فاذْهَبْ بنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلْنَسْأَلَه فيمن هذا الأَمْرُ، فإنْ كان فينا، عَلِمْنا ذلِك، وإن كان في غيرنا، كَلَّمْناه فَأَوْصَى بنا، قال عليٌّ: إنا والله لَئِنْ سَأَلْنَاهَا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فَمَنَعَنَاها لا يُعْطِينَاها النَّاسُ بعدَهُ أَبدًا، وإِنِّي والله لا أَسْأَلُها رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - (٢).


(١) رواه ابن ماجه رقم (٢٦٩٦) في الوصايا: باب هل أوصى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإسناده صحيح، وهو تتمة الحديث الذي قبله.
(٢) رواه البخاري ٨/ ١٠١ في المغازي: باب مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - ووفاته، من حديث إسحق، عن بشر بن شعيب بن أبي حمزة عن أبيه عن الزهري قال: أخبرني عبد الله بن كعب بن مالك الأنصاري، وكان كعب بن مالك أحد الثلاثة الذين تيب عليهم، أن عبد الله بن عباس أخبره. نقول: وفي الإسناد لطيفة، وهي: رواية تابعي عن تابعي، وصحابي عن صحابي.

<<  <  ج: ص:  >  >>