ونوضحه بتعريف الخلق، وبيان ما ذكره، من أنه: صفة للنفس كما قاله العلماء في علم الأخلاق، فنقول: الخلق: ملكة تصدر عنها الأفعال بسهولة من غير روية وفكر، والملكة: كيفية بالنفس، سريعة الزوال، والنفس الإنسانية لها ثلاثة قوى. القوة العقلية، والقوة الغضبية، والقوة الشهوانية، وله فيها تصرف يستولي بعضها على بعض بسببه، فهيئة استيلاء القوة العقلية على القوتين تسمى فضيلة، وهيئة استيلائهما عليها تسمى رذيلة، وإذا ثبتت هذه الهيئة، سميت خلقًا، وإذا عرضت ثم زالت سميت حالًا، فالفضيلة: حالة للنفس مشتملة على كمالها الخاص بها، والرذيلة: حالة للنفس مشتملة على نقصانها الخاص بها، والفضيلة وسط بين طرفي الإفراط والتفريط، وكل من الطرفين يسمى رذيلة، وكل من قسمي الفضائل والرذائل ينقسم إلى أصول ولوازم، فأصول الفضائل أربعة: الحكمة، والشجاعة، والعفة، والعدالة، وأصول الرذائل ثمانية: الخبث، والبله، والتهور، والجبن، والشره، والجمود، والظلم، والانظلام.
فالحكمة: وسط بين الخبث والبله، والشجاعة وسط بين التهور والجبن، والعفة: وسط بين الشره والجمود، والعدالة: وسط بين الظلم والانظلام. ولوازم الفضائل تظهر بذكر تفصيلها، لوازم الحكمة: اللب وثقابة الرأي. ولوازم الشجاعة: كبر النفس، والحلم، والكرم، والرحمة. ولوازم العفة: الحياء، والسخاء، والحرية، والخيرية. ولوازم العدالة: هي جملة اللوازم. ولوازم الرذائل: مقابلات، فلوازم الخبث والبله. الدهاء والجربزة (١) والغمارة والحمق، ولوازم التهور والجبن: الكبر، وصغر النفس، والترفع، والتذلل، والبذخ، والنذالة، والعجب، والقساوة. ولوازم الشره والجمود: الوقاحة، والتخبث، والتبذير،
(١) رجل جربز بالضم، بين الجربزة بالفتح، أي: خب. وهو القربز أيضًا وهما معربان. قاله الجوهري.