شاركه في ذلك جميع الموجودات, لأنه استغنى بالله تعالى عن كل ما سواه، فلم يترك حاجته بأحد غيره، فكان افتقار إلى الله افتقارًا ضروريًا اختياريًا، بخلاف سواه من الموجودات، فإن افتقارها إلى المؤثر من حيث هو مؤثر افتقار ضروري، وعلى هذا فالمأذون فيه أن يقال: إبراهيم خليل الله، ولا يقال: الله خليل إبراهيم.
وقوله: ويذكر ثلاث كذبات كذبهن"، هي في الحقيقة من مجاز القول، وليست كذبًا صريحًا، ولكنها لما خالفت الظاهر سماها كذبًا، نظرًا إلى أن حسنات الأبرار سيئات المقربين، وهي قوله:{إِنِّي سَقِيْمٌ} وقوله: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا}، وقوله عن زوجته: هي أختي، من حيث الإِيمان.
وقوله: "غفر له ما تقدم من ذنبه"، إشارة إلى الآية، ولا يوجب هذا القول أن يكون قد صدر منه ذنب فغفر، وعلى هذا فمعنى الغفران تنزيهه عن الذنوب مطلقًا.
وقوله: "فاستأذن على ربي في داره"، تمثيل وعدول إلى ما يعرفه المخاطبون من حال من استشفع إلى ملك، فإنه يفعل هكذا، والله تعالى منزه عن الأزمان والمكان، والظرف والمظروف فيه، تعالى عن ذلك علوًا كبيرًا. وعلى هذا فالمراد به: فأستأذن على ربي في داره، أي: أقصد موضعًا خاصًا أتقرب فيه بالسجود والسؤال والابتهال، وقد يكون بعض العراص في الآخرة مخصوصًا بمزيد شرف وإجابة كما في الدنيا، وتخصص البيت والملتزم وعرفات بذلك.
وقوله: "وسل تعطه" الهاء فيه للسكت، نحو كتابيه وحسابيه، ويجوز أن يرجع إلى ما دل عليه السؤال، أي: تعط سؤلك.
وقوله: "فيحد لي حدًا" أي: يعيِّن لي عددًا معلومًا، أو نوعًا مخصوصًا ليخرج ذلك القدر.