للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتلاوتُه عبادةٌ تلينُ بها القلوب، وتخشعُ النفوسُ، إلى غيرِ ذلك من منافِعِهِ التي لا تُحصى، من أجلِ ذلك أمرَ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- بتعاهُدِهِ؛ حتى لا يُنسى، فقالَ -صلى الله عليه وسلم-: «تَعَاهَدُوا الْقُرْآنَ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَهُوَ أَشَدُّ تَفَلُّتًا مِنَ الإِبِلِ فِي عُقُلِهَا»، فلا يليقُ بالحافظِ له أنْ يغفلَ عن تلاوتِه، ولا أنْ يُفرِّطَ في تعاهُدِه، بل ينبغي أن يتَّخِذَ لنفسِهِ منه وردًا يوميًّا يساعدُهُ على ضبطِهِ، ويحولُ دونَ نسيانِهِ؛ رجاءَ الأجرِ والاستفادةِ من أحكامِهِ عقيدةً وعملا، ولكن مَن حفِظَ شيئًا من القرآنِ، ثم نسيهَ عن شغلٍ أو غفلةٍ ليس بآثمٍ، وما وردَ من الوعيدِ في نسيانِ ما قد حَفِظَ لم يصحّ عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- (١).

س: قراءة القرآن واجبة أم مستحبة؟ وما حكم هجره، هل هو حرام أم مكروه؟

ج: أولا: أنزلَ اللهُ القرآنَ للإيمانِ به، وتعلُّمِه، وتلاوتِه، وتدبُّرِه، والعملِ به، وتحكيمِه، والتَّحاكُمِ إليه، والاستشفاءِ به من أمراضِ القلوبِ وأدرانِها، إلى غيرِ ذلك من الحِكَمِ التي أرادَها اللهُ من إنزالِه. والإنسانُ قد يهجرُ القرآنَ فلا يؤمنُ بهِ ولا يسمعُهُ ولا يُصغِي إليه، وقد يُؤمنُ به، ولكن لا يتعلَّمُه، وقد يتعلَّمُه ولكن لا يتلُوه، وقد يتلُوه ولكن لا يتدبَّرُه، وقد يحصلُ التَّدبُّرُ ولكن لا يعملُ به؛ فلا يُحِلُّ حلالَه، ولا يُحرِّمُ حرامَه، ولا يُحَكِّمُه، ولا يتحاكمُ إليه، ولا يستشفي به ممَّا فيهِ من أمراضٍ في قلبِهِ وبدنِه، فيحصلُ الهجرُ للقرآنِ من الشَّخصِ بقدرِ ما يحصلُ منه من الإعراضِ؛ كما سبق. فعلى العبدِ أن يتَّقِيَ اللهَ في نفسِه، وأنْ يَحْرِصَ على الانتفاعِ بالقرآنِ في شتَّى وُجُوهِ الانتفاع؛ ويفوتُهُ من الخيرِ بقدرِ ما يتَّصِفُ به


(١) «فتاوى اللجنة الدائمة» (٤/ ٩٨).

<<  <   >  >>