أنَّ قصدَ الإنسانِ إلى المقابرِ للسُّجودِ عليها، أو الذَّبحِ عندَها إنَّما هو لإعظامِها وإجلالِها بالسُّجودِ، والقرابين التي تُذبحُ أو تُنْحَرُ عندها، ورَوى مسلمٌ في حديثٍ طويلٍ في بابِ (تحريمِ الذَّبحِ لغيرِ اللهِ تعالى ولعنِ فاعلِه)، عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ -رضي الله عنه- قال فيه: حدَّثني رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بأربعِ كلماتٍ:«لَعَنَ اللهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ، لَعَنَ اللهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَيْهِ، لَعَنَ اللهُ مَنْ آوَى مُحْدِثًا، لَعَنَ اللهُ مَنْ غَيَّرَ مَنَارَ الأَرْضِ»، ورَوى أبو داودَ في «سُنَنِهِ» من طريقِ ثابتِ بنِ الضَّحَّاكِ رضى اللهُ عنه قال: نذرَ رجلٌ أنْ ينحرَ إبلا ببوانَةَ، فسألَ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فقال:«هَلْ كَانَ فِيهَا وَثَنٌ مِنْ أَوْثَانِ الْجَاهِلِيَّةِ يُعْبَدُ؟»، قالوا: لا، فقال:«فَهَلْ كَانَ فِيهَا عِيدٌ مِنْ أَعْيَادِهِمْ؟»، قالوا: لا، فقالَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «أَوْفِ بِنَذْرِكَ، فَإِنَّهُ لا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصَيَةِ اللهِ، وَلا فَيمَا لا يَمْلِكُهُ ابْنُ آدَمَ»، فدَلَّ ما ذُكِرَ على لعنِ مَن ذَبَحَ لغيرِ اللهِ، وعلى تحريمِ الذَّبحِ في مكانٍ يُعَظَّمُ فيه غيرُ اللهِ من وثنٍ أو قبرٍ أو مكانٍ فيه اجتماعٌ لأهلِ الجاهليَّةِ اعتادُوه، وإنْ قصدَ بذلك وجهَ الله (١).
س: هل يجوز قراءة الفاتحة أو شيء من القرآن للميت عند زيارة قبره، وهل ينفعه ذلك؟
ج: ثبتَ عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّه كان يزورُ القبورَ ويدعو للأمواتِ بأدعيةٍ علَّمَها أصحابَه، وتعلَّمُوها عنهُ، من ذلك:«السَّلامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لاحِقُونَ، نَسْأَلُ اللهَ لَنَا وَلَكُمُ الْعَافِيَةَ»، ولم يثبتْ عنه -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قرأَ سورةً من القرآنِ أو آياتٍ منه للأمواتِ مع زيارتِهِ لقبورهم، ولو كان ذلك مشروعًا؛ لفعلَهُ وبيَّنَه لأصحابِه؛ رغبةً في