للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأمَّا معنى ما ذُكِرَ من الآيةِ: فمَنْ تعجَّلَ بالنُّزولِ من منى بعدَ أنْ باتَ ليلتيْن بها عقبَ يومِ النَّحر، وبعد رميِ الجمراتِ الثلاثِ في اليومِ الحادي عشرَ والثاني عشرَ؛ فلا إثمَ عليه، ولا يجبُ عليه دمٌ؛ لأنَّه أدَّى ما وجبَ عليه، ومن تأخَّرَ بمنى فباتَ بها ليلةَ الثالثِ عشرَ ورمى الجمراتِ الثلاث في اليومِ الثالثِ عشرَ؛ فلا إثمَ عليه، بل مبيتُهُ بمنى هذه اللَّيلةِ ورميهُ الجمراتِ في يومَها أفضلُ وأعظمُ أجرًا؛ لأنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- فعلَ ذلك. ثم ختمَ -سبحانه وتعالى- الآيةَ بالحث على التَّقوى والإيمانِ باليومِ الآخِر، وما فيهِ من حسابٍ وجزاء؛ ليكونَ باعثًا لمَن تذكَّرَ ما فيهِ على الإكثارِ من الأعمالِ الصَّالحات، وعلى اجتنابِ المنكرات؛ رجاءَ رحمةِ اللهِ، وخوفَ عقابه (١).

س: هناك أناس يوم العيد أو ثاني العيد، يوكلون على من يرمي عنهم الجمرات، ويسافرون إلى بلادهم، هل يعتبر حجهم كاملا أم أنه غير ذلك؟

ج: أمرَ اللهُ سبحانه في كتابِهِ الكريمِ بإتمامِ الحجِّ والعمرةِ بقولِه: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}، وتمامُهما لا يحصلُ إلا بإخلاصِهما لله، والمتابعةِ فيهما لرسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فلا يجوزُ لمسلمٍ أحرمَ بحجٍّ أو عمرةٍ أن يخلَّ بشيءٍ من أعمالِهما، أو أنْ يرتكبَ من الأمورِ المنهيِّ عنها ما ينقصهما، ومَن وكَّلَ في رمي جمراتِهِ أيَّامَ التَّشريقِ أو أحدَ أيَّامِ التَّشريقِ، ونفرَ يومَ النَّحرِ؛ يُعتبرُ مُخطئًا مُستهترًا بشعائرِ الله، ومَن يوكِّلُ في رمي الجمراتِ اليومَ الحادي عشرَ أو الثاني عشرَ من أيَّامِ التَّشريقِ، ويطوفُ طوافَ الوداعِ ليتعجَّلَ بالسَّفرِ؛ فقد خالفَ هديَ الرَّسولِ -صلى الله عليه وسلم-، وما أمرَ به في أداءِ المناسكِ


(١) «فتاوى اللجنة الدائمة» (١١/ ٢٦٦).

<<  <   >  >>