ج: يستحب أن يؤذن في الأذن اليمنى للمولود، وأن يقيم في أذنه اليسرى، وذلك حين يولد، لحديث عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه -رضي الله عنه- قال:«رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أذَّن في أُذُنِ الحسن بن علي حين ولدته فاطمة بالصلاة رضي الله عنهما»، رواه الترمذي، وقال:«هذا حديث صحيح، والعمل عليه -أي: عند العلماء- ورواه أحمد، وأبو داود، والحاكم، والبيهقي وغيرهم، وعلى هذا اعتمد الإمام ابن القيم في «تحفة الودود في أحكام المولود»، وترجم فيه بقوله:«استحباب التأذين في أذن المولود، والإقامة في أذنه اليسرى» ثم أبدى ابن القيم الحكمة في ذلك فقال: «سر التأذين -والله أعلم- أن يكون أول ما يقرع سمع الإنسان كلمات الأذان، المتضمنة لكبرياء الرب وعظمته، والشهادة التي هي أول ما يدخل بها في الإسلام، فكان ذلك كالتلقين للطفل شعار الإسلام عند دخوله إلى الدنيا، كما يلقن كلمة التوحيد عند خروجه منها، وغير مستنكر وصول التأذين إلى قلبه وتأثره به وإن لم يشعر، مع ما في ذلك من فائدة أخرى: وهي هروب الشيطان من كلمات الأذان، وهو كان يرصده حتى يولد فيقارنه للمحنة التي قدرها الله وشاءها، فيسمع شيطانه ما يضعفه ويغيظه أول أوقات تعلقه به، وفيه معنى آخر وهو أن تكون دعوته إلى الله وإلى دينه الإسلام وإلى عبادته سابقة على دعوة الشيطان، كما كانت فطرة الله التي فطر الناس عليها سابقة على تغيير الشيطان لها ونقله عنها، ولغير ذلك من الحكم». والله سبحانه أعلم (١).
* * *
(١) «فتاوى اللجنة الدائمة» (٢/ ٨٣) المجموعة الثالثة.