للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

س: ما الحكم في المرأة التي تلعن والديها ووالدي أولادها؟

ج: صحَّ عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قال: «إِنَّ مِنْ الْكَبَائِرِ أَنْ يَلْعَنَ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ» قيل: يا رسولَ الله، وكيف يلعنُ الرَّجلُ والديْه؟ قال: «يَسُبُّ الرَّجُلُ أَبَا الرَّجُلِ، فَيَسُبُّ أَبَاهُ، وَيَسُبُّ أُمَّهُ»، فإذا كان هذا في المُتسبِّبِ في لعنِ النَّاسِ لوالديْه، فكيف بمَن يلعنُ أبويْهِ بنفسِه؟ أو يلعنُ نفسَهُ بنفسِهِ كلعنِ هذه المرأةِ والِدَيْ أولادِها؟ فإنَّهُ أولى بالإثمِ والذَّنبِ وسخطِ اللهِ ولعنتِه، وحَرِيٌّ بهِ أنْ ترجعَ لعنتُهُ عليه، ويدلُّ لذلك ما أخرجَهُ الإمامُ مسلمٌ في «صحيحِهِ» عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ -رضي الله عنه-، أنَّه سمعَ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يقول: «لَعَنَ اللهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ آوَى مُحْدِثًا، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَيْهِ، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ غَيَّرَ مَنَارَ الأَرْضِ»، وما روتْهُ أمُّ الدَّرداءِ قالت: سمعتُ أبا الدَّرداءِ يقول: قالَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا لَعَنَ شَيْئًا صَعِدَتِ اللَّعْنَةُ إِلَى السَّمَاءِ فَتُغْلَقُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ دُونَهَا، ثُمَّ تَهْبِطُ إِلَى الأَرْضِ فَتُغْلَقُ أَبْوَابُهَا دُونَهَا، ثُمَّ تَأْخُذُ يَمِينًا وَشِمَالا، فَإِذَا لَمْ تَجِدْ مَسَاغًا رَجَعَتْ إِلَى الَّذِي لُعِنَ، فَإِنْ كَانَ لِذَلِكَ أَهْلا وَإِلا رَجَعَتْ إِلَى قَائِلِهَا»، أخرجَهُ أبو داودَ في «سننه»، فاللَّعنُ محرَّمٌ، ومن أكبرِ الكبائر، فالمسلمُ ليس بالسَّبَّابِ ولا اللَّعانِ ولا الفاحشِ البذيءِ، ويدلُّ لذلك ما رواهُ ابنُ عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: قالَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «لَيْسَ المُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلا اللَّعَّانِ وَلا الفَاحِشِ وَلا البَذِيءِ»، أخرجَهُ التِّرمذيُّ، وقال: حديثٌ حسنٌ غريب، ولما رواهُ أنسُ بنُ مالكٍ -رضي الله عنه- قال: لم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- سبَّابًا ولا فحاشًا ولا لعَّانًا، كان يقول لأحدنا عند المعتبة: «مَا لَهُ تَرِبَ جَبِينُهُ»، أخرجَهُ البخاريُّ في «صحيحِه» (١).

* * *


(١) «فتاوى اللجنة الدائمة» (٢٥/ ٢٤٥).

<<  <   >  >>