للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

س: هل الرعاف يبطل الوضوء والصَّلاة أمْ لا؟

ج: النَّجاساتُ الخارجةُ من سائرِ البدنِ من غيرِ السَّبيليْن، إن لم تكنْ بولا ولا غائطًا، كالرُّعافِ والقَيءِ ودمِ الجُروحِ ونحوِ ذلك، لا ينتقضُ بها الوُضوءُ إلا الكثير منها، وهو ما فحشَ في النَّفس؛ لما روى أبو الدَّرداءِ أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قاءَ فتوضَّأَ. وقالَ ابنُ عبَّاسٍ رضي الله عنهما: «إذا كان فاحشًا فعليه الإعادة».

وأمَّا القليلُ من ذلك فلا يُنتقضُ الوُضوء به، وقد قالَ بذلك جماعةٌ من الصَّحابة، كابنِ عبَّاسٍ وأبي هريرةَ وابنِ عمرَ -رضي الله عنهم-، ولم يُعرفْ لهم مُخالفٌ من الصَّحابةِ -رضي الله عنهم- أجمعين، وبه قال جماعةٌ من التَّابعين. وثبتَ عن ابنِ عمرَ رضي الله عنهما أنَّه عصرَ بثرةً فخرجَ دمٌ فصلَّى وتوضَّأ، وهذا محمولٌ على اليسير (١).

س: لماذا كان أكل لحم الإبل من النواقض للوضوء؟

ج: أكلُ لحمِ الإبلِ خاصَّة ينقضُ الوُضوءَ، على الصَّحيحِ من أقوالِ العلماء، كما دلَّتْ على ذلك الأحاديثُ الصَّحيحة، والحكمةُ من نقضِهِ للوُضوءِ تعبديَّةٌ تعبَّدَنا اللهُ بها، ولسنا مكلَّفينَ بمعرفةِ الحكمةِ، فيجبُ علينا الإيمانُ والعملُ بالأحكامِ الشَّرعيَّةِ وإن لم ندرك الحكمةَ منها، مع الإيمانِ بأنَّ اللهَ سبحانه هو الحكيمُ العليم، وقد تُدْرَكُ بعضُ حكمةِ ذلك، ومن ذلك ما ذكرَه بعضُ العلماءِ أنَّ الإبلَ فيها من القُوَّةِ الشَّيْطانيَّةِ والشِّدَّةِ والحقدِ والكيدِ لمَن آذاها، وأنَّ الإنسانَ إذا أكلَ لحمَها اكتسبَ بعضَ صفاتِها وطباعَها؛ ولذلك شُرِعَ الوُضوءُ منها، ليذهبَ ما قد ينشأُ عندَه من ذلك (٢).


(١) «فتاوى اللجنة الدائمة» (٣٠/ ١١٢).
(٢) «فتاوى اللجنة الدائمة» (٣٠/ ١٢١).

<<  <   >  >>