س: عندما كان عمري ثلاثين عامًا كانت أمِّي تعيشُ في كنفي، وأُنفِقُ عليها وأُوَفِّرُ لها كلَّ ما تطلبُه، إلا أنها رحمة الله عليها كانت عصبيةً، إلى درجةٍ أنها تتشاجرُ معي دائمًا لأتفهِ الأسباب، وكنتُ أحيانًا أغضبُ من كلامِها وصِياحِها لِي؛ فأردُّ عليها بِصوتٍ مرتفعٍ وكلامٍ غيرِ لائق. وقد توفِّيت منذ عشرين عامًا تقريبًا، ومنذ ذلك الوقت وأنا أبكيها، ولا زالَ ضميري يؤنِّبُنِي ويؤرِّقُني، وسأظلُّ أبكي على هذا الذنبِ العظيمِ حتَّى يتوفاني اللهُ، وتكفيرًا عن ذنبي قد حَجَجْتُ لأمِّي حجَّتين، وحججتُ ثالثًا لأمها، وأُخرجُ الصدقاتِ لها، وعندي نَخْلٌ أجعلُ جزءًا منه سبيلا لها؛ فهل لي من توبة؟ وما هي الأعمالُ التي يمكنُ أن أقومَ بها لِيصلَ إليها ثوابُها؟ وما هي شروطُ التوبةِ تجاه من تُوفِّي والده؟
ج: أوَّلا: أسأتَ في رفعِكَ صوتَك عليها، وكلامِك عليها كلامًا غيرَ لائق؛ لأنَّ ذلك من العقوق، وقد أوجبَ اللهُ برَّ الوالديْن، وحرَّم عقوقَهما في كتابِهِ وعلى لسانِ رسولِهِ -صلى الله عليه وسلم-، وقد أحسنتَ في ندمِكَ على ما حصلَ من ذلك وتوبتِكَ منه كلِّه، ونرجو أن يتقبَّلَ اللهُ توبتَكَ ويغفرَ ذنبك.
ثانيًا: التَّوبةُ النَّصوحُ هي التي تشتملُ على: النَّدمِ على ما وقعَ من الذَّنب، والعزمِ على عدمِ العودةِ إليه.
ثالثًا: أحسنتَ في الحجِّ عن أُمِّكَ وعن أُمِّها، وفي الصَّدقةِ عنها، ونرجو أنْ يُكَفِّرَ اللهُ بذلك ذنوبَكَ ويُثيبَكَ على ذلك، وهذا ممَّا ينفعُ اللهُ بهِ والدتَك ووالدتَها، وكذلك الدُّعاءُ بالمغفرةِ والرَّحمةِ ودخولِ الجنَّةِ والنَّجاةِ من النَّار. نسألُ اللهَ لنا، ولكَ التَّوفيقَ والمغفرةَ والرَّحمة (١).