للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أبو عمرَ بنُ عبدِ البرِّ على أنَّه لمَّا علَّمهُ للهِ؛ لم يجزْ بعدَ هذا أن يعتاضَ عن ثوابِ اللهِ بذلك القوس، فأمَّا إذا كان من أوَّلِ الأمرِ على التَّعليمِ بالأجرةِ؛ فإنَّه يصحُّ، كما في حديثِ اللَّديغِ، وحديثِ سهلٍ في المخطوبةِ، واللهُ أعلم (١).

س: ما تفسير هذه الآية: {هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ... يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا... هُوَ الْعَزِيزُ... الْحَكِيمُ}؟

ج: بعدَ أن وصفَ سبحانَه بأَّنه لا إلهَ إلا هو الحيُّ الذي لا يموتُ، وأنَّه القيُّومُ بشُئُونِ عبادِهِ؛ فلا وجودَ لهم، ولا استقامةَ لأحوالِهم إلا بهِ، مع غناهُ عنهم، وأنَّه العليمُ بكلِّ شيءٍ، لا يخفى عليه شيءٌ في الأرضِ ولا في السَّماءِ أقامَ الدَّليل على ذلك بأنَّه وحدَهُ الذي يخلقُ النَّاسَ في أرحامِ أمهاتِهم كيفَ يشاءُ على صورٍ شتَّى وأحوالٍ مختلفةٍ من ذكرٍ وأُنثى، وحسنٍ وقبيحٍ، وشقيٍّ وسعيدٍ، لا إلهَ إلا هو، له العزَّةُ وكمالُ القوَّةِ والغلبةِ، وله الحكمةُ البالغةُ في كلِّ ما شرَعَهُ وخلقَهُ وقضى بهِ وقدَّرَه، ومن ذلك خلقُهُ لعيسى، وتقديرُه سبحانه أنْ تحملَ به أُمُّهُ بلا أبٍ، وأنْ يكونَ آيةً للنَّاسِ على كمالِ علمِ اللهِ وقدرتِهِ وبالغِ حكمتِهِ، كما خلقَ آدمَ من ترابٍ، وقالَ له: كنْ فكانَ كما أرادَ اللهُ، فلا حقَّ لهما من العبادةِ، بل هو حقٌّ لربِّ العالمين وحدَه لا شريكَ له، لا إلهَ إلا هو القويُّ الذي لا يُغْلَبُ ولا يُعْجِزُهُ شيءٌ، الحكيمُ في تدبيرِه، وفي خلقِهِ وتشريعِه. وفيها الرَّدُّ على النَّصارى القائلينَ بأنَّ عيسى عليهِ الصَّلاة والسَّلامُ هو ابنُ الله؛ لأنَّ اللهَ هو الذي صوَّرَهُ في


(١) «فتاوى اللجنة الدائمة» (٤/ ١٩٤).

<<  <   >  >>