للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

س: ما حكم الشرع في رجل كره هذه الحياة الدنيا أشد كراهية، وسأل الله أن يميته إن كان ذلك خيرًا له، وانتظر الشيء المكروه بفارغ الصبر، ألا وهو الموت؟

ج: لا يجوزُ للمسلمِ أن يكرَهَ الحياةَ وييأسَ فيما عندَ اللهِ تعالى من فرجٍ وخير، والواجبُ عليهِ أن يصبرَ على ما يُلاقيهِ من أقدارِ اللهِ، ويحتسِبَ ما يُصابُ به من مصائبَ عندَهُ تعالى، ويسألَهُ سبحانَهُ أنْ يصرِفَها عنه، ويعينَهُ، ويأجُرَه على ما يقدرُ عليه منها، وينتظرَ الفرجَ منه تعالى، قال سبحانه: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ... يُسْرًا (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ... يُسْرًا}، ويُكرهُ للمسلمِ تمنِّي الموتِ لضُرٍّ نزلَ به من مرضٍ أو ضيقِ دنيا أو غيرِ ذلك، وفي الصَّحيحيْنِ عن أنسٍ -رضي الله عنه- قال: قالَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «لا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ، فَإِنْ كَانَ لا بُدَّ مُتَمَنِّيًا فَلْيَقُلْ: اللهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتِ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي»، ولما في التَّمنِّي المطلقِ للموتِ من الاعتراضِ ومراغمةِ القدر، وفي الصُّورةِ المذكورةِ في الحديثِ نوعُ تفويضٍ وتسليمٍ للقضاء، وما يُصيبُ المسلمَ في هذه الدُّنيا من مصائبَ كفارةٌ له، إذا احتسبها عندَ اللهِ تعالى ولم يتسخَّط، وفيها إيقاظٌ لقلبِهِ من الغفلة، وموعظةٌ في المستقبل (١).

س: إذا كنت أعرف عن بعض الناس أنه لا يصلي ولا يذكر الله، بل يعمل فوق ذلك أعمالا سيئة تغضب الله تعالى ورسوله عليه الصَّلاة والسلام من كل النواحي، فهل يجوز لي أن أغتابه لأعرف الناس به أو لا يجوز لي ذلك؟


(١) «فتاوى اللجنة الدائمة» (٢٥/ ٣٩٨).

<<  <   >  >>