والعلم، ثم أمرَهُ مرَّةً أخرى بالقراءَةِ؛ تنبيهًا إلى عِظَمِ شأنِها، وحثا على العنايةِ بها، ثم أثنى سبحانه على نفسِهِ بأنَّه ربُّ كلِّ شيءٍ ومليكُه، وأنَّه تفرَّدَ بكمالِ الكرمِ والجُود، ومن ذلك ما آتاهُ اللهُ محمَّدًا من النُّبوَّةِ والرِّسالةِ، وما خصَّه به من معجزةِ القرآنِ وهو الأُمِّيُّ الذي لا يقرأُ ولا يكتبُ -صلى الله عليه وسلم-، ومن كمالِ كرمِهِ وفيضِ نِعَمِهِ أنَّه علَّمَ الإنسانَ الكتابةَ بالقلم، وأنَّه علَّمَهُ ما لم يكنْ يعلمُ ممَّا لا يُحصى عدُّهُ ولا يُقْدَرُ قدْرُه، وما كان له ذلك لولا أنْ مَنَّ اللهُ عليه وأسبغَ عليه عظيمَ نِعَمَه، فتباركَ اللهُ أحسنَ الخالقين، وسعتْ رحمتُهُ كلَّ شيءٍ، وهو أحكمُ الحاكمين (١).
س: ما تفسير قوله تعالى: {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا (١) فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا (٢) فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا}، وما معنى قوله:{وَالْعَادِيَاتِ}؟ أفتوني جزاكم الله خيرًا؟
ج:{وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا} أي: والخيلِ المسرعاتِ في سيرِها إسراعًا شديدًا؛ نشأَ عنه الضبحُ، وهو: صوتُ نَفَسها الذي يتردَّدُ في صدرِها من شِدَّةِ سيرِها، {فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا}: فالمُخرِجاتِ نارًا بقدْحِهنَّ الأحجارَ بحوافِرهِنَّ حينَ شِدَّةِ السَّيرِ، {فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا}، فالمُغيراتِ على الأعداءِ وقتَ الصَّباح؛ جهادًا في سبيلِ اللهِ، ونصرةَ دينِه.
وجملةُ المعنى: أنَّ اللهَ تعالى يُقسِمُ بالخيلِ المسرعاتِ في سيرِها سُرعةً يُسمعَ معها صوتُ نفَسِها المتردِّدُ في صدرِها، ويخرجُ من قدْحِها الأحجارَ بحوافِرها نارٌ تراها العيون، وتُغيرُ على الأعداءِ وقتَ الصَّباحِ؛ جهادًا في سبيلِ الله، وجوابُ القسمِ: قولُهُ تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ