للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من أربابِ الطُّرقِ ومُريدُوهم من الأذكارِ المبتدعَة في ألفاظِها، أو في كيفيَّةِ أدائِها والذِّكرِ بها، يُسبِّحُ للهِ في هذه المساجدِ، ويقدِّسهُ بالصَّلاة فيها ودراسةِ العلمِ بها وتلاوةِ القرآنِ وسائرِ الأذكارِ المشروعةِ بالغدوِّ والآصالِ في الغداةِ والعشيِّ -أولِّ النَّهارِ وآخرِه- رجالٌ قدروا اللهَ قدرَه فلا تشغَلُهم مشاغلُ الدُّنيا من تجارةٍ وبيعٍ عن ذكرِ اللهِ بقلوبِهم، وألسنَتِهم، وأبدانِهم؛ لمراقبتِهم اللهَ، ونظرِهم في العواقب، وخشيتِهم من هولِ يومِ القيامةِ الذي تتقلَّبُ فيه القلوبُ والأبصارُ، وتذهلُ فيه كلُّ مرضعةٍ عمَّا أرضعت، وتضعُ كلُّ ذاتِ حملٍ حملَها، وترى النَّاسَ سُكارى وما هم بسُكَارى ولكنَّ عذابَ اللهِ شديدٌ، ثم ذكرَ اللهُ سبحانه جزاءَهم بأحسنِ ما عملوا، وتوفيتَهم أجرَهم بغيرِ حسابٍ؛ جزاءً وفاقًا بإخلاصِهم لربِّهم، وبيعِهم أنفسَهِم على وليِّ نعمتِهم اللهُ ذو الفضلِ العظيم (١).

س: ما تفسير قوله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (٢) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (٣) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (٤) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}؟

ج: هذه الآياتُ أوَّلُ ما نزلَ على رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، نزلتْ عليهِ في غارِ حراءَ، وبها بدأَ الوحيُ إليه عليه الصَّلاة والسَّلام، يقولُ اللهُ تعالى: اقرأْ يا محمَّد، مُفتَتِحًا قراءَتَك بذكرِ اسمِ ربِّك، أو مُستعينًا في قراءَتِكَ بذكرِ اسمِ ربِّكَ ووليِّ نعمتِكَ الذي خلقَ كلَّ شيءٍ، خلقَ ذُرِّيَّةَ آدمَ من علق، من دمٍ قد كان من قبلُ نطفة، ثم يصيرُ بعد مضغةً، فعظامًا، إلى آخرِ أطوارِ خلقِ الإنسانِ فعمَّمَ سبحانه في ثنائِهِ على نفسِهِ بأنَّه تفرَّدَ بخلقِ كلِّ شيءٍ، ثم خصَّ الإنسانَ تكريمًا له وتمهيدًا لذكرِ ما امتنَّ به عليهِ من نعمةِ الكتابةِ


(١) «فتاوى اللجنة الدائمة» (٤/ ٣٤٢).

<<  <   >  >>