للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والحاكمُ، وصحَّحه. وعلى ذلك فمَنْ يذهبُ للكهنةِ والعرَّافين ويصدِّقُهم فيما يقولونَه من أخبارِ الغيبِ، فإنَّه يكفرُ كفرًا يُخرِجُهُ من الملَّةِ والعياذُ بالله؛ لقولِ اللهِ سبحانه: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} (١).

س: لماذا قبح الله الشرك، وتوعد المشرك بعدم المغفرة وبالخلود في النار؟

ج: قبَّحَ اللهُ الشِّركَ، وتوعَّدَ المُشْرِكَ بعدمِ المغفرةِ له، وبالخلودِ في النَّارِ إذا مات عليه؛ لأنَّه أعظمُ ذنبٍ عُصِيَ اللهُ به، وأعظمُ ما نهى اللهُ عنه، ولهذا أخبرَنا سبحانَه أنَّه لا يغفرُهُ لصاحبِه إذا ماتَ على شركِهِ ولم يَتُبْ منه، وأنَّ عملَ صاحبِه حابِطٌ، وأنَّه لا أحدَ أضلُّ من فاعلِه، قال اللهُ تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا}، وقالَ تعالى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}، فمَن أشركَ مع اللهِ أحدًا غيرَه؛ فقد ساوى الخالقَ بالمخلوق، وجعلَ المخلوقَ نِدًّا للهِ، صرفَ لهُ من أنواعِ العبادةِ ما لا يستحقُّهُ إلا الله؛ ولهذا توعَّدَ اللهُ فاعلَهُ بالخلودِ في النَّار، قالَ تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ}، وقالَ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- لمَّا سُئلَ: أيُّ الذَّنبِ أعظمُ؟ قال: «أَنْ تَجْعَلَ للهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ»، قيل: ثم أيُّ؟ قال: «أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ خَشْيَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ»، قيل: ثم أيُّ؟ قال: «أَنْ


(١) «فتاوى اللجنة الدائمة» (٢٧/ ٢٣١).

<<  <   >  >>