للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسئل: هل الإنسان مسير أم مخير؟ وما هي الأدلة على ذلك؟

فأجاب: الإنسان مسير ومخير معًا، فأنت مجبر بالنسبة إلى خلقك، فالله خلقك وجعل لك عقلاً لتميز به بين الخطأ والصواب، فيختار ما هو أنفع لك؟ فاختيارك للأصلح والأنفع هو دليل على أنك مخير. فأنت تفعل هنا الشيء باختيارك وأنت اختيارك بيد الله سبحانه وتعالى، فالله سبحانه هو المتصرف في هذا الكون. قال تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحديد: ٢٢].

وقد قرر شيخ الإسلام ابن تيمية معنى هذا البحث فقال ما معناه: العبد مخير بحيث يختار ما ينفعه ويبتعد عما يضره، ألا ترى أن الذي ينفعك هو الإبقاء على حياتك فهل أنت مسير بأن تلقي نفسك في البئر، أو تعرض نفسك لهلاك أم أنك تحافظ عليها؟ فأنت هنا تفعل ما تقتضيه مصلحتك من أنك تحافظ على بقائك حيًا، وفعلك هذا باختيارك. أما أنك ترتكب المحرم وتقول: إني مسير. لأنك الذي فعلت هذا باختيارك وإرضاء لشهوتك. فأنت معاقب بهذا، وذلك من جهلك لنفسك، فأنت مخير، والله أعطاك العقل وأعطاك مشيئة حسن تصرف وإرادة فتفعل ما فيه مصلحة لنفسك، وترتكب المعاصي التي تهواها نفسك كل هذا من اختيارك. فأنت من اختار ذلك ولم يجبرك عليه أحد.

فالله سبحانه أعطاك العقل وبين لك طريق الخير وطريق الشر وأعطاك حرية الاختيار بين الطريقين، وإن كان مقدر عليك كل شيء في حياتك حتى شربة الماء. ولكن هذا لا يعطل عمل الاختيار.

والإنسان مسير في أمور فمنها الأجل وتحديده، فليس له اختيار في

<<  <   >  >>