الحياة فى «مصر المملوكية»، فسلطان «مالى» مثلا يتخذ حاشية من
ثلاثين مملوكًا من الترك، اشتراهم من «مصر»، وطريقة جلوسهم
وخروجهم إلى المسجد يوم العيد لاتختلف كثيرًا عما كان مألوفًا عند
سلاطين المماليك وغيرهم من ملوك الإسلام.
كما حرصوا على أن تكون وثائقهم ومكاتباتهم الرسمية باللغة
العربية، حتى التنظيمات الإدارية والحربية تأثروا فيها بما شاهدوه
فى «مصر»، فملوك «صنغى» يقسمون الإمبراطورية إلى ولايات أو
أقاليم وكل ولاية إلى مدن ثم إلى قرى، ثم ينظمون الجيش إلى فرق
للمشاة والخيالة والأبالة، بل استخدموا الأسلحة النارية وخاصة ملوك
«الكانم والبرنو»؛ مما ساعدهم فى مشروعاتهم السياسية والحربية
إلى حد كبير.
أما عن الثقافة الإسلامية فإنه يمكننا القول: إن هذه الثقافة كانت
عربية خالصة، لم تدخلها تأثيرات أخرى؛ لعدم وجود تقاليد ثقافية
زنجية فى ذلك الوقت، وكانت هذه الثقافة الإسلامية ذات صبغة
مغربية أندلسية؛ حيث إن الإسلام دخل إلى تلك البلاد من «المغرب»،
وبالتالى انتقلت ثقافة «المغرب» إلى «أودغشت» و «تمبكت وجاو»
وبقية مدن «السودان الغربى» والأوسط، حتى طريقة الكتابة نفسها
تأثرت بالطابع المغربى، فالقلم المستخدم هو القلم المغربى،
والمناهج والكتب المتداولة هى المناهج والكتب المالكية المغربية
نفسها مثل كتب «عياض» و «سحنون» و «موطأ مالك» و «المدونة»
وغيرها، وكلها كانت تدرس فى مدارس غربى إفريقيا فى «جنى»
و «تمبكت» و «كانو» و «كاتسينا» و «برنو».
حتى التأثيرات الأندلسية دخلت إلى مدارس «المغرب» وغربى إفريقيا
وخاصة بعد سقوط دولة الإسلام فى «الأندلس»، فقد رحل علماؤها
إلى غربى إفريقيا وأقام كثير منهم فى «تمبكت»، وشواهد بعض
القبور التى كشف عنها فى منطقة «النيجر» ظهر أنها صنعت فى
مدينة «ألمرية» بالأندلس عام (٤٩٤هـ = ١١٠٠م)، وتحمل نقوشًا عربية
أندلسية، كما تأثرت قصور ملوك «السودان الغربى» والأوسط