بالعمارة المغربية الأندلسية.
وقد تأثرت مدارس «السودان الغربى» والأوسط بالمدارس الإسلامية
الأخرى، خاصة مدارس «مصر» المملوكية، ورحل أهل «السودان» إلى
«مصر» وتعلموا فيها، ورحل بعضهم إلى «الشام» و «الحجاز»،
ووصلت مؤلفات المصريين إلى هذه البلاد، وقد عرفنا كيف ابتاع
«منسا موسى» الكتب وحملها معه إلى بلاده، كما أن مؤلفات
«السيوطى» وغيره من علماء «مصر» شاعت فى هذه البلاد، وكان
تأثر الطلاب السودانيين بمدارس «مصر» لايقل عن تأثرهم بمدارس
«المغرب العربى».
وليس معنى ذلك أن الثقافة الإسلامية فى غربى إفريقيا كانت تقل
عن نظيرتها فى بلاد «المغرب»، من حيث الغزارة والعمق، فعلماء
«السودان» وفقهاؤه لم يختلفوا عن نظائرهم فى «المغرب العربى»،
فقد روى «السعدى» أن فقيهًا اسمه «عبدالرحمن التميمى» جاء من
الحجاز بصحبة السلطان «منسا موسى» حين عاد من الحج فأقام
بتمبكت زمنًا، ولما رأى فقهاءها يتفوقون عليه غادرها إلى «فاس»
حتى يتزود من العلم ثم يعود إليهم.
وهناك من اشتهر من مؤرخى السودان الغربى والأوسط وكُتَّابه
أمثال: «أحمد بابا التمبكتى»، الذى وُلد بوهران عام (٩٦٣ - ١٠٣٧هـ
= ١٥٥٦ - ١٦٢٧م) فهو من أصل صنهاجى، ثم رحل إلى «تمبكت»
وفيها ظهرت مواهبه وارتفعت مكانته العلمية وكان رجلا واسع
الثقافة، ألَّف فى كل العلوم المألوفة فى عصره، وذيَّل كتاب الديباج
المذهب لابن فرحون وسماه «نيل الابتهاج بتطريز الديباج»، وأرَّخ
فيه حتى سنة (١٠٠٦ هـ = ١٥٩٧م) وهو يعطينا صورة طريفة لتاريخ
الحركة الفكرية فى «السودان الغربى» كله.
وهناك المؤرخ «السعدى» وهو من رجال القرن السابع عشر
الميلادى، وقد أقام بتمبكت و «جنى» ورحل إلى «المغرب»، وهو
صاحب الكتاب المشهور المسمى «تاريخ السودان»، والذى يعطينا
معلومات وافية عن تاريخ «دولة صنغى» وعن أحوالها الاجتماعية
والثقافية، كذلك كان شأن «محمود كعت التمبكتى» صاحب كتاب