«الفتاش فى أخبار السودان»، فقد كان فقيهًا من فقهاء «تمبكت»
صَحِبَ «أسكيا محمد الكبير»، وألف كتابه بالأسلوب المغربى المألوف
نفسه.
وهناك أيضًا الإمام المؤرخ «أحمد بن فرتو»، الذى عاش فى سلطنة
«برنو» وكان يعاصر الماى «إدريس ألوما» (٩٧٨ - ١٠١٢هـ= ١٥٧٠ -
١٦٠٣م)، وهذا الإمام سليل أسرة دينية كان لها أثرها الكبير فى
نشر الإسلام فى «برنو»، وجده البعيد هو الإمام «محمد بن مانى»
الذى أسلم على يديه سلاطين «كانم وبرنو» الأوائل فى القرن
الحادى عشر الميلادى.
وقد كتب «أحمد بن فرتو» تاريخًا لبلاده يعتبر المرجع الرئيسى،
وخاصة تاريخ الفترة التى عاصرها زمن «إدريس ألوما»، ومؤلفاته
مدونة باللغة العربية ونشرت فى عام (١٣٤٩هـ = ١٩٣٠م) على يد
أمير «كانو» فى «نيجيريا».
ورغم أن هؤلاء الكتَّاب وغيرهم كتبوا باللغة العربية فإننا لا ندرى
بالضبط مدى انتشار اللغة العربية بين عامة الناس فى تلك الفترة،
ويبدو أنهم كانوا يستخدمون لغتهم الأصلية فى حياتهم الخاصة،
ويقتصر استعمال العربية عندهم على المكاتبات والعقود التجارية،
ومما يدُّل على ذلك أن «ابن بطوطة» حضر صلاة الجمعة فى أحد
مساجد «مالى»؛ فرأى رجلا يقف ويبين للناس بلسانهم كلام الخطيب،
أى أنه كان يترجم كلام الخطيب إلى اللغة المحلية، ويشير هو وغيره
إلى وجود وظيفة الترجمان فى بلاط السلطان، ويتضح ذلك أيضًا من
اختلاط «ابن بطوطة» و «الحسن الوزان» ببعض أهالى «السودان»،
وكانا لايعرفان لغة هؤلاء الناس إلا عن طريق ترجمان.
هذا عن انتشار الثقافة العربية الإسلامية فى غربى إفريقيا، أما
المراكز التى استقرَّت فيها هذه الثقافة وانطلقت منها إلى نواحى
«السودان» المختلفة فعديدة؛ من أهمها: مدينة «تمبكت»، و «جنى»،
و «أودغشت»، و «كانو»، و «كتسينا»، و «جاو».
١ - مدينة تمبكت:
تعتبر مدينة «تمبكت» أهم مركز تجارى وثقافى فى غربى إفريقيا،