أنها من المبالغات، ولكنها متواترة فى المصادر التى أرَّخت لعمر
وعصره، فمن يصدق أن خليفة المسلمين يأخذ امرأته «أم كلثوم بنت
على بن أبى طالب» ومعها كل ما تحتاج إليه عملية ولادة، لمساعدة
امرأة غريبة جاءها المخاض، فيشترك هو معها فى الإشراف على
ولادتها؛ وصنع الطعام لها، ولما أنجز مهمته، قال لزوج المرأة: «إذا
كان الغد فأتنا نأمر لك بما يصلحك»، ففعل الرجل فأجازه وأعطاه.
عمر والقضاء:
عندما بويع «أبو بكر» بالخلافة شكى لعمر من كثرة أعبائها وخوفه
من عدم النهوض بكل مسئولياتها، فقال له «عمر»: «أنا أكفيك
القضاء وأبو عبيدة يكفيك الأموال»، ومعنى ذلك أن «عمر» كان
قاضيًا لأبى بكر.
وفى عهد «عمر» اتسعت الدولة، واحتاج كل إقليم إلى قاضٍ، فعين
«عمر» القضاة وكان يدقق فى اختيارهم، فعين: «شريح بن الحارث
الكندى» على قضاء «الكوفة»، و «أبا الدرداء» على قضاء الشام،
و «عثمان بن قيس» على قضاء «مصر».
ولم يكن «عمر» فى حاجة إلى سن قوانين للقضاة، لأنهم يحكمون
طبقًا لكتاب الله وسنة رسوله، ولكنه كان فى حاجة إلى تعليمهم
كيف يتصرفون حين يلتبس الأمر عليهم، وقد كتب لأحدهم يقول له:
«فإن جاءك أمر ليس فى كتاب الله ولم تكن فيه سنة من رسول الله،
ولم يتكلم فيه أحد قبلك، فاختر أى الأمرين شئتَ، إن شئتَ أن تجتهد
رأيك وتقدِّم فتقدم، وإن شئتَ أن تأخَّر فتأخر».
ومن أعظم وصاياه للقضاة وصيته لأبى موسى الأشعرى، ومما جاء
فيها: «آس - أى سوِّ بين الناس فى مجلسك ووجهك - حتى لا يطمع
شريف فى حيفك - ظلمك - ولا ييأس ضعيف من عدلك، والبينة على من
ادعى واليمين على من أنكر، والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحًا
حرَّم حلالا أو حلل حرامًا .. ».
إصلاحات عمر بن الخطاب وإنشاءاته:
لعمر بن الخطاب كثير من الإصلاحات والإنشاءات التى لم يُسبق إليها،
وسماها مؤرخو سيرته «أوليات عمر»، فهو أول من سُمى أمير