للأمراء المحليين بالاستقلال الذاتى، ولم يكن سلطان سنار يحتفظ
بأكثر من تعيين الأمراء أو فرض الإتاوة، وتظهر التقاليد المحلية فى
طريقة التتويج أو التعيين حين يحضر الأمير إلى «سنار» ويحتفل به
السلطان على «الككر» (أى كرسى العرش) ويلبسه طاقية لها
ذُؤابتان عن اليمين والشمال محشوتان بالقطن كأنهما قرنان، ويمنحه
سيفًا، وهى تقاليد نوبية قديمة، ثم يذهب الأمير بعد انتهاء مراسم
التتويج إلى مكان معين فى انتظار دابة تخرج من الأرض يتفاءل
بخروجها، إلى غير ذلك من التقاليد السودانية.
والحياة الإسلامية فى «دارفور» خضعت لهذا التطور نفسه، فقد
تمسك السلاطين بالكتاب والسنة وطبقوا الشريعة الإسلامية تطبيقًا
تاما، ولكنهم لم يهملوا التقاليد المحلية التى تمثلت فى قانون
«دالى»، وهو مجموعة من الأحكام العرفية كان يقوم بتنفيذها حكام
الأقاليم والقاضى الأعظم، وهو كبير الخصيان الملقب بأبى شيخ.
وهذا القانون ينص على وراثة الملك وعلى إقامة الحدود ودفع
الغرامات من الأبقار التى يملكونها بكثرة، وكان لهم تقاليد خاصة
فى جلوس السلطان على كرسى العرش، ففى يده اليمنى صولجان،
وفى اليسرى سيف مستقيم، وعلى جنبه الأيسر سيف محدب، وفى
الدخول عليه يخلع الداخل الطاقية والسلاح ويلقى بنفسه على الأرض
ويحبو على ركبتيه ويديه كالسلحفاة.
أما فى ميدان الثقافة فلم يكن للسودان ثقافة قديمة، كما كان فى
«مصر» وبلاد «الشام» و «العراق»، ولذلك كانت ثقافة «السودان»
عربية إسلامية خالصة، لكنها تأثرت بعاملين:
الأول: ضعف النهضة الإسلامية فى هذا العصر عمومًا، وغرق الأمة فى
الدراسات الصوفية التى انتشرت طرقها فى شتى بلدان العالم
الإسلامى؛ ولقيت فى «السودان» جوا ساعدها على النمو والازدهار.
فقد شهد «السودان» فى هذا العصر كثيرًا من الحروب الداخلية، التى
كانت تسيطر على البلاد وتعمل على تمزيقها، بالإضافة إلى أن