ولاشك أن ترك تلك الأعمال فى أيدى أبناء البلاد المفتوحة كان
مبعث ارتياح لهم، فاطمأنوا للحكم الإسلامى، بل أخذوا يعتنقون
الإسلام، ويتعلمون اللغة العربية.
استشهاده:
فى يوم الأربعاء الموافق ٢٦ من شهر ذى الحجة سنة ٢٣هـ وبينما
«عمر بن الخطاب» يسوِّى صفوف المسلمين فى صلاة الفجر كعادته
كل يوم، وبدأ ينوى مكبرًا للصلاة، إذا بأبى لؤلؤة المجوسى يسدد
للخليفة عدة طعنات بخنجر مسموم، فقطع أمعاءه، وسقط مغشيًا
عليه، واضطرب المسلمون فى الصلاة اضطرابًا شديدًا من هول
المفاجأة، وأقبلوا على القاتل محاولين القبض عليه، لكنه أخذ يضرب
شمالا ويمينًا بدون هدى، فأصاب اثنى عشر من الصحابة، مات ستة
منهم، ثم أتاه رجل من خلفه وألقى عليه رداءه وطرحه أرضًا فلما
أيقن «أبو لؤلؤة» أنه مقبوض عليه لا محالة، طعن نفسه بالخنجر
الذى طعن به أمير المؤمنين، ومات على الفور قبل موت الخليفة نفسه
ومات معه السر الخفى الذى دفعه إلى هذه الجريمة البشعة.
حمل المسلمون الخليفة إلى بيته، وظل فاقد الوعى فترة طويلة، فلما
أفاق كان أول سؤال سأله للمسلمين: هل صليتم الصبح؟ قالوا: نعم،
قال: الحمد لله، لا إسلام لمن ترك الصلاة، ثم سأل: من الذى قتلنى؟
قالوا: «أبو لؤلؤة» غلام «المغيرة بن شعبة». قال: الحمد لله الذى
جعل منيتى على يد رجل كافر، لم يسجد لله سجدة واحدة يحاجنى
بها عند الله يوم القيامة.
المؤامرة:
كان «أبو لؤلؤة» غلامًا مجوسيا، أُسِرَ فى معركة «نهاوند»، ووقع
من نصيب المغيرة بن شعبة، وكان يجيد حرفًا كثيرة كالحدادة
والنجارة، وكان سيده يتركه يعمل ويأخذ منه درهمين فى اليوم.
فاشتكى إلى أمير المؤمنين «عمر» مستكثرًا الدرهمين، فسأله
«عمر» عن صناعته، فأخبره، فقال: لا أرى ذلك كثيرًا، وكانت تلك
المهن رائجة فى ذلك الوقت وتدرُّ عليه مالا وفيرًا، فحقدها العبد
المجوسى وعزم على قتله.
هذا هو السبب الظاهر الذى روته كتب التاريخ والسير، لكنه لا يقنع