للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحده بارتكاب جريمة خطيرة كهذه، فالأمر أكبر من ذلك وأبعد

مدى، ووراءه تدبير واسع ومؤامرة محكمة نُسجت خيوطها فى بلاد

فارس وكان فيها «أبو لؤلؤة» أداة تنفيذ فحسب، وكان هو مستعدًا

بتكوينه للقيام بها، فقد رُوى عنه أنه كان كلما رأى أسرى بلاده

فى «المدينة»، يقول: «أكل عمر كبدى»، لأن «عمر» هو الذى أزال

دولة الفرس وأنزل الأكاسرة من على عروشهم.

ولم تكن الجريمة فارسية فقط باشتراك «أبى لؤلؤة»، و «الهرمزان»

الذى كان أميرًا فارسيا وأُسِرَ فى إحدى الحروب وجاء إلى

«المدينة» وأظهر الإسلام، بل كانت يهودية باشتراك «كعب الأحبار»،

ونصرانية باشتراك «جفينة».

وكان «كعب الأحبار» يهوديا ادعى الإسلام، جاء إلى «عمر» قبل

طعنه بثلاثة أيام، وقال له: يا أمير المؤمنين اعهد - أى اختر لك خلفًا

يعقبك فى الحكم - فإنك ميت بعد ثلاثة أيام، فتعجب «عمر» وسأله

كيف عرفت ذلك؟ قال: أجده فى التوراة، فقال «عمر»: يا سبحان

الله! هل تجد «عمر بن الخطاب» مذكورًا فى التوراة، قال: أجدك

بصفتك. لكن «عمر» لم يعط لهذا الحديث اهتمامًا، فهل كان «كعب

الأحبار» على علم بما دبره «أبو لؤلؤة المجوسى» وبقية شركائه؟

يقول الدكتور «هيكل»: «لابد إذًا أن يكون كعب الأحبار عرف بسر

ماكان يجرى، فوجه النذير إلى «عمر»، وأغفل «عمر» أمر هذا

النذير .. فحدث ما حدث، ونذير «كعب» وطعنات «أبى لؤلؤة» تدل

على أن فى الأمر سرا لم يظهر ساعة ارتكاب الجريمة؛ لكنه ظهر من

بعد».

أما «الهرمزان» و «جفينة» فأمرهما أوضح من أمر «كعب الأحبار»،

واشتراكهما فى الجريمة لا لبس فيه، فقد شهد «عبدالرحمن بن عوف»

أنه رأى الخنجر الذى طُعِن به «عمر» مع «الهرمزان» و «جفينة» فى

اليوم السابق ليوم الجريمة، وسألهما ماذا يصنعان به؟ فقالا: نقطع

به اللحم، وشهد «عبدالرحمن بن أبى بكر الصديق» أنه مرَّ فى الليلة

التى طعن «أبو لؤلؤة» «عمر» فى صبيحتها فى أحد طرق

<<  <  ج: ص:  >  >>