وأدَّى سلوك المسلمين السوىُّ إلى جذب الناس إلى الإسلام، وبخاصة
سلوك (محمد بن القاسم) الذى اهتم بإقامة المساجد وأداء الشعائر
الدينية، فلم يكن يدخل مدينة إلا ويبنى فيها مسجدًا، وقد تابع خلفاء
(محمد بن القاسم) فى (السند) سياسته فى بناء المساجد.
وقد بلغ قمة النجاح فى انتشار الإسلام فى (السند) فى خلافة (عمر
بن عبدالعزيز) (٩٩ - ١٠١هـ)، الذى كان لسمعته الطيبة أثر عظيم فى
دخول أعداد كبيرة من أهل (السند) فى الإسلام لما دعاهم إلى ذلك،
فأسلموا وتسمَّوا بأسماء عربية.
وأصبح هذا الإقليم منذ دخول الإسلام فيه جزءًا عزيزًا من العالم
الإسلامى، ولا يزال يمثل قوة رئيسية من قواه؛ فقد شارك فى صنع
التاريخ الإسلامى والحضارة الإسلامية، فلولا الإسلام لبقى ذلك الإقليم
منزويًا فى عزلته، دون أن يكون له مثل ذلك الدور الذى قام به فى
ظل الإسلام، ونختم الحديث عن انتشار الإسلام فى (السند) بشهادة
واحد من أبنائه هو العلامة (أبو الحسن الندوى) الذى يقول:
(إن دخول الإسلام إلى بلاد السند وبلاد الهند، كان فاتحة عصر جديد،
عصر علم ونور وحضارة وثقافة .. لم يكن العرب المسلمون من طراز
أولئك الغزاة الذين إذا دخلوا قرية أفسدوها، واعتبروها بقرة حلوبًا،
أو ناقة ركوبًا، يحلبون ضرعها، ويركبون ظهرها، ويجزون صوفها،
ثم يتركونها هزيلة عجفاء، ولا يعتبرون أنفسهم كالإسفنج،
يتشرب الثروة من مكان، ويصبها فى مكان آخر، كما كان شأن
الإنجليز فى الهند، وفرنسا فى الجزائر والمغرب الأقصى، وإيطاليا
فى طرابلس وبرقة، وهولندا فى إندونسيا، لم يكن العرب المسلمون
مثل هؤلاء الغزاة المستغلين، بل وهب العرب البلاد التى فتحوها
أفضل ما عندهم من عقيدة ورسالة، وأخلاق وسجايا، ومقدرة
وكفاية، وتنظيم وإدارة، وأقبلوا عليها بالعقل النابغ، والشعور
الرقيق، والذوق الرفيع، والقلب الولوع، واليد الحاذقة الصناع،