بغير حق إلى بيت مال المسلمين، وبدأ بنفسه، وعزل الولاة الذين
أفسدوا الحياة الإدارية والمالية، وعيَّن فى مكانهم ولاة من أهل
الخبرة والتقوى والصلاح.
وقد أدَّت سياسته الإصلاحية إلى نتائج باهرة فى غضون فترات
زمنية قصيرة (٩٩ - ١٠١هـ)، واستقامت الأمور وتحقق العدل، وتوافر
الحد الأدنى من المعيشة الكريمة لكل إنسان فى الدولة الإسلامية،
التى امتدت حدودها شرقًا وغربًا، ولم يعد فيها من يستحق الصدقة،
حتى ليروى الإمام (الذهبى) عن (عبدالرحمن بن يزيد بن عمر بن
أسيد) أنه قال: (والله ما مات عمر بن عبدالعزيز حتى جعل الرجل
يأتينا بالمال العظيم - الكثير - فيقول: اجعلوا هذا حيث ترون، فما
يبرح حتى يرجع بماله كله، قد أغنى عمر الناس).
انحراف أواخر خلفاء بنى أمية عن الجادة:
لم يكن خلفاء الدولة الأموية المتأخرون على درجة عالية من الكفاءة
السياسية والإدارية، والسهر على رعاية مصالح المسلمين، وتحرى
العدل بصفة عامة كما كان خلفاء (بنى أمية) الأوائل، وإنما كانت
تنقصهم الكفاية والمقدرة السياسية، إلى جانب إفراطهم فى حياة
الترف، وعكوفهم على الملذات والشهوات، وتبديد الأموال وإنفاقها
فى وجوه غير مشروعة، وتركهم رعاية مصالح الأمة، وإهمالهم
مقاصد الشريعة، فزالت دولتهم نتيجة لهذا السلوك المعوج، وقد فطن
إلى ذلك خصمهم الخليفة العباسى (أبو جعفر المنصور) (١٣٦ - ١٥٨هـ)
فقال عنهم: (ولم يزل بنو أمية ضابطين لما مهد لهم من السلطان،
يحوطونه ويصونون ما وهب الله لهم منه، مع تسنمهم معالى الأمور،
ورفضهم دنياتها، حتى أفضى الأمر إلى أبنائهم المترفين، فكانت
همتهم قصد الشهوات، وركوب الملذات من معاصى الله، جهلا
باستدراجه وأمنًا لمكره، مع إطراحهم صيانة الخلافة، واستخفافهم
بحق الرئاسة، وضعفهم عن السياسة، فسلبهم الله العز، وألبسهم
الذل، ونفى عنهم النعمة).
مظاهر الحياة الاجتماعية: