للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أميرهم، وإذا كان أميرهم كان كأنه واحد منهم». - الرحمة

بالناس: كان «عمر» يختار للولاية من اشتهر بالرحمة ولين الجانب

وحب الخير للناس، وحين كان يولى أحدًا يكتب له كتاب تولية،

ويشهد عليه بعض الصحابة، ويشترط عليه ألا يظلم أحدًا فى

جسده ولا فى ماله، ومن وصاياه لعماله: «ألا وإنى لم أبعثكم

أمراء ولا جبارين، ولكن بعثتكم أئمة الهدى، يهتدى بكم

فادرءوا على المسلمين حقوقهم، ولا تضربوهم فتذلوهم،

ولاتغلقوا الأبواب دونهم، فيأكل قويهم ضعيفهم، ولا تستأثروا

عليهم فتظلموهم، ولا تجهلوا عليهم». ثانيًا: قواعد العمل بالنسبة

إلى العمال والولاة: لم يكن «عمر» يقنع بحسن اختيار الولاة

وفق شروطه، وإنما كان يحدد لهم أسلوب العمل، والقواعد التى

يسيرون عليها، إما فى صورة خاصة محددة كما كان يحدث فى

عهد الولاية، وإما فى توجيهات عامة كما فى المؤتمرات التى

كان يعقدها للعمال والولاة، وبخاصة فى موسم الحج. ثالثًا:

المتابعة: فطن «عمر بن الخطاب» إلى فاعلية المتابعة، وأثرها

فى حسن سير الإدارة، ولذا لم يكتفِ بالتدقيق فى اختيار الولاة،

وإنما وضع عليهم العيون والأرصاد، يحصون عليهم حركاتهم

وسكناتهم، ويسجلون أعمالهم وينقلونها إلى الخليفة فور

وقوعها، لأنه أدرك أن الخطأ قد يقع بدون قصد، وأن الانحراف

لا يبدأ كبيرًا، وأن كل شىء يمكن وقفه فى أوله قبل

استفحاله، عملا بالحكمة الخالدة: «الوقاية خير من العلاج».

رابعًا: سياسة الباب المفتوح: أدرك «عمر بن الخطاب» أن آفة

الإدارة فى كل عصر هى احتجاب كبار المسئولين عن أصحاب

الحاجات فتضيع مصالح الناس أو تتعطل، ولذا لم يكن يتهاون مع

أى أمير أو والٍ يسمع أنه يحتجب عن الناس مهما يكن شأنه،

وحين بلغه أن «سعد بن أبى وقاص» قد بنى بيتًا فى «الكوفة»

من طابقين، وسماه الناس قصر «سعد»، لأن بقية البيوت كانت

من طابق واحد، وأنه اتخذ لمكانه الذى يباشر منه أعمال الولاية

<<  <  ج: ص:  >  >>