بابًا، أرسل إليه «محمد بن مسلمة الأنصارى»، وكان مبعوث
«عمر» فى المهمات الكبيرة، وأمره أن يحرق ذلك الباب الذى
يحول بين الأمير وبين الناس، وأن يقدم بسعد معه، فلما قدم عليه
وبخه ولم يقبل اعتذاره بأن داره قريبة من السوق وأنه كان
يتضايق من ارتفاع أصوات الناس وجلبتهم، ثم رده إلى عمله بعد
أن أكد عليه ألا يعود إلى مثل هذا أبدًا. خامسًا: المؤتمرات
العامة: ابتكر «عمر» عقد المؤتمرات العامة لمناقشة أمور الدولة،
حتى يتيح لأكبر عدد من المسلمين المشاركة فى صنع السياسة
والقرار بالحوار والمشاورة، فاهتدى إلى استثمار مناسبة الحج،
وتجمع الناس فى البلد الحرام، وقرر أن يحج كل عام، عدا السنة
الأولى من خلافته، وأن يحج معه كل ولاة الأمصار، وهناك يدور
النقاش والحساب مع الولاة عما صنعوا فى عامهم الذى مضى،
وما ينوون عمله فى العام القادم، وفوق ذلك تكون تقارير عيونه
بين يديه قبل مجىء الولاة، بحيث تكون أمورهم كلها واضحة،
ولا يستطيع أحد منهم أن ينكر شيئًا، ولما كانوا يعرفون ذلك
فإنهم حرصوا على أن تكون سجلات أعمالهم نظيفة، فالخليفة لا
يتهاون فى حساب المقصر أو من تثبت عليه مخالفة لشرع الله.
سادسًا: محاسبة الولاة والأمراء: دأب «عمر بن الخطاب» على
محاسبة كل والٍ مقصر، أو من يشتبه أنه قصر فى عمله، لا
يمنعه من ذلك كون الوالى كبير القدر أوصاحب سابقة فى
الإسلام، وقلما نجا والٍ من ولاته من المحاسبة، وإذا كان الجرم
صغيرًا يمكن إصلاحه؛ اكتفى بالتوبيخ، ورد الوالى إلى عمله
كما فعل مع «سعد بن أبى وقاص»، أما إذا كان الجرم كبيرًا من
وجهة نظره؛ فإنه يأمر بعزل الأمير على الفور، ومن أشهر
إجراءاته فى هذا المجال: عزله «خالد بن الوليد» حين علم بأنه
أعطى «الأشعث بن قيس» عشرة آلاف درهم، فساورته شكوك
فى أن من يعطى عشرة آلاف مرة واحدة لرجل واحد، كم يكون
لديه؟ فأمر «أبا عبيدة بن الجراح» أمير الأمراء فى الشام